وطنية

بنك المغرب: معدل امتلاك الحسابات البنكية بلغ 58% سنة 2024

اقتصاد الشرق

ارتفع معدل امتلاك الحسابات البنكية في المغرب بمقدار 4 نقاط مئوية بين عامي 2023 و2024، ليصل إلى 58%. ويعزى هذا الارتفاع جزئياً إلى تغيير منهجي في طريقة الحساب، لكنه يعكس أيضاً تقدماً حقيقياً على أرض الواقع. ومع ذلك، يبقى تأثير السياسة النقدية محدوداً عند هذا المستوى.

بحلول نهاية عام 2024، كان 15.4 مليون مغربي بالغ يمتلكون حساباً بنكياً نشطاً على الأقل. وبالنسبة لإجمالي عدد البالغين وفقاً للتعداد العام للسكان والسكنى (RGPH) لنفس العام، فإن هذا الرقم يعادل معدل تعمير بنكي بنسبة 58%.

تقدم ملحوظ مع تعديل منهجي
يُظهر هذا الرقم، الذي قد يبدو تقنياً، تطوراً مهماً، حيث ارتفع بأربع نقاط مقارنة بعام 2023، لكنه شهد أيضاً تعديلاً في المنهجية المعتمدة. ففي السابق، كان يتم حساب معدل التعمير البنكي استناداً إلى توقعات سكانية، بينما اعتمدت حسابات 2024 على الأرقام الفعلية للتعداد العام.

ظل معدل التعمير البنكي مستقراً عند 53% خلال أعوام 2020 و2021 و2022، مما يعكس ركوداً نسبياً في الشمول المالي خلال تلك الفترة. وفي عام 2023، سُجل تقدم طفيف بارتفاع نقطة واحدة، ليصل المعدل إلى 54%.

لكن عام 2024 شهد قفزة أكبر، حيث ارتفع المعدل بأربع نقاط ليبلغ 58%، وذلك نتيجة عاملين: التعديل المنهجي المرتبط بأرقام التعداد الجديد، والجهود المستمرة لتعميم الخدمات البنكية على الشباب والنساء.

وباعتماد أرقام التعداد العام للسكان والسكنى 2024، قام بنك المغرب بتحسين دقة قراءته للإحصاءات، لكنه عدّل أيضاً المعطيات الأساسية، حيث تم تخفيض عدد السكان البالغين المقيمين من 28.2 مليون إلى 26.8 مليون. وهذا التعديل الإحصائي وحده رفع تلقائياً معدل التعمير البنكي.

ومع ذلك، تبقى الاتجاهات الإيجابية واضحة: فبين عامي 2020 و2024، ارتفع عدد الأشخاص الممونين من 14.14 مليون إلى 15.4 مليون، أي بزيادة صافية تقدر بـ 1.3 مليون شخص في أربع سنوات.

فوارق بين الجنسين وتصنيف إقليمي
لا يزال النوع الاجتماعي عاملاً مؤثراً في الشمول المالي. ففي عام 2024، بلغ معدل تعمير الرجال البالغين 70%، مقابل 46% فقط للنساء. وهو فجوة مستمرة منذ سنوات، تعكس اختلافات أعمق في الوصول إلى فرص العمل والدخل الرسمي والخدمات المالية.

وعلى مستوى شمال إفريقيا، يحتل المغرب المرتبة الأولى في معدل التعمير البنكي. فوفقاً لبيانات البنك الدولي لعام 2022، سجل المغرب معدلاً بلغ 53%، متجاوزاً بذلك الجزائر (44.1%) وتونس (36.9%) ومصر (27.4%).

لكن بالمقارنة مع بعض الدول الإفريقية التي نفذت سياسات نشطة للتحول الرقمي وتقليل الاعتماد على النقد، يظهر المغرب بعض التأخر. ففي أوغندا، على سبيل المثال، بلغ المعدل 65.9%، بينما وصل في السنغال إلى 58.9%.

أما في أوروبا، فسجلت تركيا معدلاً قدره 74.1%، بينما وصلت إسبانيا إلى 98.3% من البالغين الذين يمتلكون حساباً بنكياً.

التعمير البنكي والسياسة النقدية
في اقتصادات مثل الاقتصاد المغربي، حيث تكون استطلاعات الأسر محدودة والبيانات التفصيلية غير متوفرة دائماً، يصبح معدل امتلاك الحسابات البنكية مؤشراً بديلاً لفهم حجم الاقتصاد غير الرسمي وتقييم فعالية السياسات الاقتصادية التحفيزية.

لكن أن يكون 58% من المغاربة البالغين ممونين لا يعني بالضرورة أنهم مشاركون بالكامل في الاقتصاد الرسمي. ففي الواقع، يخفي هذا الرقم تعقيدات أوسع، حيث إن امتلاك حساب بنكي نشط لا يعني استخدامه بانتظام، أو تلقي رواتب عبر التحويل البنكي، أو حتى امتلاك مدخرات.

في هذا السياق، إذا كان الأفراد لا يستطيعون الاقتراض أو الادخار، فإن تغييرات طفيفة في سعر الفائدة (25 أو 50 نقطة أساس) لن يكون لها تأثير مباشر على سلوك الاستهلاك. وبالتالي، تضعف آلية نقل السياسة النقدية، إن لم تنقطع جزئياً.

لذلك، تظهر السياسة المالية، وخاصة عبر التحويلات الاجتماعية المستهدفة، كأداة أكثر فعالية لدعم الاستهلاك الخاص وتحفيز الطلب الداخلي. فالأسر التي تتعامل محدوداً مع النظام البنكي، والتي تعيش غالباً على الدخل اليومي، تتأثر أكثر بالتحويلات النقدية المباشرة مقارنة بتغيرات أسعار الفائدة، حتى في حال تبني سياسة نقدية توسعية.

بمعنى آخر، في اقتصاد لا يزال جزء كبير من سكانه خارج الدائرة المالية الرسمية، تكون الإجراءات المالية (وليس النقدية) هي الأكثر تأثيراً على الطلب.

ملاحظة منهجية
وفقاً للمنهجية المعتمدة في إحصاءات الحسابات البنكية، يُعتبر الحساب نشطاً إذا سجل عملية واحدة على الأقل خلال الـ12 شهراً الماضية. لذا، من المهم التذكير بأن ليس جميع الحسابات “النشطة” تُستخدم بشكل منتظم.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button