أنظمة ري ذكية لمواجهة ندرة المياه ببركان

اقتصاد الشرق
بينما تتراجع موارد المياه الجوفية وتعاني السدود من صعوبة في الامتلاء، أصبحت قضية المياه أولوية استراتيجية للقطاع الزراعي. في بركان، تبنت عدة مزارع بالفعل تحولاً تكنولوجياً من خلال الاعتماد على أنظمة ري عالية الكفاءة.
تعمل أنظمة الري الحديثة، مثل الري بالتنقيط والضخ الشمسي، على تحسين استخدام المياه الزراعية. تسهم هذه التقنيات الذكية في تقليل الهدر وتعزيز جودة المحاصيل في ظل ندرة الموارد المائية.
إنها ثورة صامتة لكنها حاسمة، تتجاوز مجرد الاستخدام التقني لتصل حتى إلى مقاعد الجامعة. أحدث مثال على ذلك: الزيارة التعليمية للدفعة الرابعة من ماستر “بيولوجيا النبات والتكنولوجيا الحيوية” بكلية الناظور المتعددة التخصصات إلى شركة نموذجية داخل القطب الزراعي بمداغ. المتخصصة في الري المستدام، فتحت هذه الشركة أبوابها للطلاب في إطار درس عملي حول تقنيات إدارة المياه والتسميد الزراعي الحديثة.
من الميدان لإحياء النظرية
في الحقول كما في الورشات، اكتشف الطلاب منشآت تستخدم تقنيات متطورة: ضخاً شمسياً، تحلية متنقلة، أجهزة استشعار متصلة، ري مستهدف حسب منطقة الجذور، ومنصات تحضير أشجار الزيتون. ابتكارات -حسب المهندسين الحاضرين- توفق بين ترشيد المياه والكفاءة الزراعية. “تمكن طلابنا من التعرف على الأجهزة التقنية وفهم آلية عملها وصيانتها، والأهم إدراك دورها في ظل المناخ المتقلب بشكل متزايد”، يوضح كمال أبركاني، أستاذ باحث بالكلية، مؤكداً على القيمة الملموسة لهذه التجربة العملية. إلى جانب المشاهدات، تبادل الشباب الحوار بحرية مع محترفي القطاع وقاسوا التحديات الميدانية: تقلبات المناخ، كلفة الطاقة، تحسين الموارد، إدارة الملوحة… معطيات أصبحت الآن جزءاً أساسياً من تكوينهم.
التكوين من أجل ابتكار أفضل
تعكس هذه المبادرة أيضاً تحولاً في منهج التدريس الزراعي. من خلال شراكات ميدانية مع النسيج الاقتصادي المحلي، تهدف الكلية إلى تعزيز تشغيلية طلابها وتحفيز البحث التطبيقي. “قد تثمر هذه الزيارات عن مشاريع تجريبية أو تداريب أو حتى ابتكارات مشتركة مع الشركات”، يضيف أبركاني. رأي يشاركه ياسين محفوض، المدير المساعد للشركة المضيفة الذي يؤكد أن “التعاون مع الجامعة أساسي. نحتاج إلى شباب مدربين ومبدعين، قادرين على تحويل التحديات البيئية إلى حلول تقنية ملائمة. الري الذكي ليس رفاهية، بل هو شرط بقاء للزراعة المغربية”.
رافعة استراتيجية
في مواجهة الإجهاد المائي المزمن وتحديات التغير المناخي، تفرض أنظمة الري الذكية نفسها كأداة محورية للتحول الزراعي. بدمجها تقنيات متطورة مثل التنقيط الآلي، الضخ الشمسي، الري بمستشعرات، أو التحلية الموزعة، تتيح هذه الأنظمة إدارة دقيقة وموفرة للمياه. النتيجة؟ انخفاض جذري في الفاقد المائي، امتصاص أفضل من النباتات، تحسن ملحوظ في المحاصيل، وارتفاع جودة الإنتاج. حل هيكلي لبناء زراعة مستدامة قادرة على مواجهة ندرة الموارد الطبيعية.