من المسؤول عن تدهور المساحات الخضراء بوجدة؟

اقتصاد الشرق
تتضاعف صرخات الاستغاثة من مدينة وجدة لإنقاذ ما تبقى من تراثها النباتي، بعد أن أصبحت ضحية لتدهور الغطاء النباتي بسبب التصحر المتسارع، وندرة التساقطات المطرية، وإهمال بعض الأفراد، وغياب منهجية فعالة لحماية المساحات الخضراء والملاذات الزينة وأشجار الطرقات.
وبالمثل، اتخذت السلطات المحلية والوكالة الوطنية للمياه والغابات بالجهة الشرقية العديد من المبادرات لاستعادة بريق المدينة الباهت وإنشاء شبكة خضراء تضمن راحة بصرية للمواطنين.
غير أن الجهود الخجولة للمجلس البلدي لتحويل حديقتَي لالة عائشة ولالة مريم إلى فضاءات حقيقية للاسترخاء والترفيه لم تثمر عن نتيجة. كما أن استبدال أشجار الخروب والفستق والتين والبرتقال بأشجار النخيل والبلوط الطلح قد وجه ضربة قاسية للغطاء النباتي الهش. ويوضح مجموعة من الباحثين بقسم البيولوجيا بكلية العلوم التابعة لجامعة محمد الأول: “لإنقاذ الموروث الشجري، كان يجب الاعتماد على أنواع تنتمي إلى عاريات البذور وتتمتع بمواصفات جمالية مطلوبة”.
ومع ذلك، فقد أثبتت تجربة إنشاء حديقة إيكولوجية (قبل اثني عشر عامًا) فائدتها الكبيرة، بالنظر إلى أعداد الوجديين الذين يقضون فيها أيامهم ومساءاتهم. لكن تطوير بعض المساحات الخضراء المتناثرة في أركان المدينة يتطلب متابعة دقيقة وحماية مشددة، وهو ما لا يحدث على أرض الواقع.
في المقابل، يواصل الرئة الإيكولوجية المتمثلة في الغابة الحضرية لسيدي معافة تدهورها البطيء. حيث تعرضت للإهمال وتكالب العوامل البشرية والطبيعية. ولعلاج هذا الوضع، أُطلقت عدة عمليات تجميل لكن دون ميزانيات كافية، مما أفقدها أي تأثير ملموس. وينطبق الأمر ذاته على تحسين جودة حياة السكان عبر خدمات إيكولوجية مهمة لحماية مدينة وجدة من الآثار السلبية للتغير المناخي، والرياح المحملة بالأتربة القادمة من الجنوب، والزحف العمراني المتسارع على حساب تعزيز التنوع البيولوجي المحلي.
لكن كل هذا أصبح من الماضي. فقد استفادت سيدي معافة أخيرًا من برنامج ضخم أطلقته ولاية الجهة الشرقية ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، بشراكة مع مؤسسات محلية: الوكالة الوطنية للمياه والغابات، ومجلس جهة الشرق، والجماعتين الترابيتين لوجدة وأهل أنكاد.
حيث رُصد مبلغ 87 مليون درهم لإحياء 1300 هكتار. وسينفذ هذا البرنامج الطموح على مدى ثلاث سنوات، ويرتكز على ثلاث محاور: التشجير على مساحة تتجاوز هذه المساحة بكثير، وإنشاء مرافق ترفيهية ورياضية مثل المسارات المشاة وملاعب الأطفال والملاعب المجاورة، فضلًا عن تحسين البنية التحتية البيئية عبر بناء سدود صغيرة وشبكات ري.
وكانت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، قد أوضحت خلال زيارتها الأخيرة لوجدة: “يأتي هذا البرنامج في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والمقاربة التشاركية التي اعتمدتها الحكومة لإرسال عدالة مجالية وبيئية، تماشيًا مع التوجيهات الملكية السامية”.