وطنية

تقرير حكومي: مستوى عيش الأسر المستفيدة من برامج الدعم المباشر يتحسن بـ 89.6%

اقتصاد الشرق

في إطار مهامه، أجرى المرصد الوطني للتنمية البشرية (ONDH) دراسة ميدانية لقياس رضا المستفيدين من برنامج المساعدة الاجتماعية المباشرة خلال النصف الأول من عام 2024. هذه الدراسة، التي تُعد “الأولى من نوعها في المغرب”، تهدف حسب المرصد إلى تقييم تأثير البرنامج من خلال تسجيل التجارب الملموسة للمستفيدين وجمع آرائهم.

تم الكشف عن نتائج هذه الدراسة يوم الأربعاء 2 يوليو خلال مؤتمر صحفي.

قال رئيس المرصد الوطني للتنمية البشرية، عثمان كاير: “لضمان موثوقية نتائجنا، اعتمدنا منهجية دقيقة ومتنوعة”. تعتمد هذه المنهجية أولاً على دراسة كمية واسعة النطاق شملت 4,462 رب أسرة تغطي جميع مناطق ومحافظات المملكة.

ولإثراء هذا النهج الإحصائي، أجرى المرصد أيضًا دراسة نوعية اعتمدت على مجموعات نقاش تم تشكيلها في ست محافظات ممثلة: تارودانت، سيدي إفني، الرحامنة، مديونة، بولمان، وشفشاون.

وأوضح رئيس المرصد: “سمحت لنا هذه المرحلة النوعية باستيعاب الديناميكيات المحلية وتصورات المواطنين وردود الفعل الأساسية لصقل قراءتنا للبيانات”.

أخيرًا، تم استكمال المنهجية بتحليل مقارن دولي، حيث قارن المرصد النتائج المغربية بتلك المحققة في برامج مرجعية في البرازيل والمكسيك وجنوب إفريقيا وإندونيسيا.

وأشار عثمان كاير: “تُعرف هذه البلدان بخبرتها في سياسات التنمية البشرية. مقارنتها بالسياق المغربي تسمح بتقييم أفضل لتقدمنا وتحديد آليات التحسين”.

كشفت النتائج الأولية للدراسة التي أجراها المرصد مؤشرات إيجابية جدًا، تعكس قبولًا واسعًا للبرنامج من قبل المستفيدين. وقال عثمان كاير: “بلغ معدل الرضا العام 87.46%، مما يعكس استقبالًا إيجابيًا للمساعدة المقدمة”.

بالإضافة إلى الرضا، أظهرت النتائج مستوى عالٍ من الثقة في إدارة البرنامج. وأكد كاير: “95% من المستجوبين يعتبرون أن معالجة طلبات التسجيل تتم بشفافية، مما يظهر الثقة في النظام والمصداقية الممنوحة للمؤسسات المسؤولة”.

كما تم الإشادة بجودة المعلومات المقدمة للمستفيدين، حيث اعتبر معظم المشاركين المحتوى واضحًا ومفهومًا، مما عزز إمكانية الوصول إلى البرنامج.

لكن التأثير المباشر على ظروف العيش كان الأبرز، حيث قال رئيس المرصد: “89.6% من الأسر المستجوبة أفادت بتحسن في مستوى معيشتهم، بينما ذكر 31% تحسنًا ملحوظًا”.

كما كان تأثير البرنامج على الأمن الغذائي واضحًا، حيث أفاد 92% من الأسر بتحسن في الوصول إلى غذاء كافٍ.

نقطة رئيسية أخرى هي تأثير البرنامج على التمدرس، حيث رأت 82% من الأسر أن البرنامج ساهم في دعم استمرارية تعليم أطفالهم، خاصة في المناطق القروية أو الهشة.

بالنسبة للإنصاف وإمكانية الوصول، اعتبر 90.4% من المستجوبين أن البرنامج يُنفذ بشكل عادل. ومع ذلك، تظل إجراءات التسجيل مشكلة، حيث اعتبر 5% فقط من المشاركين أنها سهلة. وحذر عثمان كاير: “هذه الصعوبة في الوصول إلى الإجراءات الإدارية، خاصة للفئات الهشة غير المعتادة على الأدوات الرقمية، تمثل تحديًا رئيسيًا يجب حله لضمان شمول الجميع”.

عززت المقارنة الدولية التي أجراها المرصد النتائج الإيجابية للدراسة الوطنية. وأكد عثمان كاير: “بمعدل رضا يبلغ 88%، يصنف البرنامج المغربي بين أفضل البرامج الاجتماعية تقييمًا من قبل المستفيدين عالميًا”.

يأتي البرنامج المغربي بعد البرنامج البرازيلي “Bolsa Família” الذي يُعد نموذجًا مرجعيًا في الحماية الاجتماعية بمعدل رضا 95%، ويقترب من برنامج “Child Support Grant” في جنوب إفريقيا الذي سجل 90%.

في المقابل، تفوق البرنامج المغربي على برامج مماثلة في المكسيك وإندونيسيا رغم تنفيذها لسنوات عديدة. وأكد رئيس المرصد: “هذا التصنيف يعكس التأثير الحقيقي والملحوظ للبرنامج المغربي، فضلاً عن ملاءمة الخيارات المعتمدة في التوجيه والاستهداف والتواصل”.

تجاوز المرصد خطوة منهجية جديدة بإطلاق “المؤشر الوطني للرضا الاجتماعي (INSS)”، وهو أداة تقييم جديدة مصممة لقياس تصورات المستفيدين بدقة.

يعطي هذا المؤشر درجة إجمالية تبلغ 71 من 100 للبرنامج، مع الأخذ في الاعتبار خمسة أبعاد أساسية: سهولة الوصول، التأثير الملموس، جدوى التنفيذ، ملاءمة الأهداف، وشفافية الإجراءات.

قال كاير: “سيسمح هذا المؤشر بتجسيد مشاعر المستفيدين وتوفير مؤشر موثوق لصانعي القرار”.

يخطط المرصد لتعميم هذه الأداة على جميع البرامج الاجتماعية للدولة، بهدف “تزويد المغرب بإطار مؤسسي لتقييم الأداء الاجتماعي” يمكنه توجيه السياسات العامة بشكل فعال.

قدم المرصد أيضًا مجموعة من التوصيات لتعزيز المكتسبات ومواجهة التحديات المحددة.

من بين الأولويات تعزيز المساعدة الاجتماعية القريبة لخلق روابط أوثق بين المستفيدين والبرامج. وأشار كاير: “من الضروري تحسين التواصل الميداني، خاصة عبر الجمعيات المحلية التي يمكنها تسهيل مرافقة الأسر، خاصة في الوصول إلى الخدمات الرقمية”.

كما شدد على أهمية ربط الحماية الاجتماعية بالتمكين الاقتصادي، موصيًا ببرامج تنمية المهارات لتوفير فرص إدماج مهني واستقلال مالي للمستفيدين على المدى المتوسط.

تحدي استراتيجي آخر هو تكامل السياسات العامة، حيث دعت الدراسة إلى تحسين التنسيق بين البرامج الاجتماعية المختلفة (مثل “أمو تضامن”) لتجنب الازدواجية وضمان تغطية متكاملة.

أخيرًا، ركزت الدراسة على المشاركة المواطنة، حيث أكد المرصد أن تبني البرامج اجتماعيًا يتطلب إشراكًا أكبر للمواطنين في الحكامة الترابية، عبر آليات التشاور والمتابعة التشاركية.

واختتم عثمان كاير: “تعزيز الثقة في السياسات الاجتماعية يمر أيضًا عبر الإنصات والشفافية والبناء المشترك”، داعيًا إلى جعل هذا النهج التشاركي ركيزة للإصلاحات القادمة.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button