بين الماضي والمستقبل.. جهة الشرق تكتب فصلاً جديداً من التنمية

اقتصاد الشرق
شرعت القناة الثانية في بث سلسلة وثائقية جديدة تحت عنوان “من قلب جهة الشرق”، وذلك في إطار أربع حلقات مخصصة لتسليط الضوء على المؤهلات الاقتصادية والطبيعية والبشرية لجهة الشرق، واستعراض المشاريع الكبرى التي تشهدها، إضافة إلى تقديم الفاعلين الذين يسهمون في تنميتها وتعزيز إشعاعها على الصعيدين الوطني والدولي.
كشفت الحلقة الأولى عن وجه جديد للجهة، التي لم تعد مجرد مجال هامشي في الخريطة الوطنية، بل تحولت إلى قطب استراتيجي بعمق البحر الأبيض المتوسط، يشهد دينامية قوية منذ الخطاب الملكي التاريخي في 18 مارس 2003، الذي دعا إلى النهوض بالمنطقة وتمكينها من الإمكانيات التي تستحقها. ومنذ ذلك الحين، بدأت تتغير ملامح الجهة على مختلف المستويات، حيث تشهد اليوم إقلاعًا اقتصاديًا واضحًا، مدعومًا ببنية تحتية حديثة ومشاريع استثمارية طموحة.
تضم جهة الشرق ثمانية أقاليم، لكل منها خصوصيته ودوره في المنظومة الجهوية المتكاملة. فمدينة الناظور أضحت مركزًا صناعيًا وسياحيًا بامتياز، تحتضن ميناء “غرب المتوسط” الضخم، الذي يمتد على مساحة تتجاوز 700 هكتار، ومن المنتظر أن يوفر حوالي 100 ألف فرصة شغل، في مشروع يضاهي ميناء طنجة المتوسط من حيث الرؤية والحجم. أما وجدة، العاصمة الإدارية والأكاديمية، فقد شهدت توسعة شبكة الطرق وتأهيل مداخلها الأربعة بتكلفة تجاوزت 51 مليون درهم، إلى جانب احتضانها لمنطقة “تيكنوبول” التي تجمع بين البحث العلمي والتكنولوجيا والصناعة.
في بركان، تبرز الجهة كقطب فلاحي متطور، ازدادت جاذبيته بفضل تهيئة عدد من الفضاءات العمومية وتحسين جودة العيش. المدن الصغيرة كالدريوش، بوعرفة وتندرارة لم تُترك خارج خارطة التنمية، بل خضعت لتهيئة واسعة للبنية التحتية والمرافق الاجتماعية، مع إطلاق مشروع تربوي طموح لتأهيل 53 مدرسة جماعاتية بتكلفة ناهزت 126 مليون درهم، في إطار تحسين شروط التمدرس في المناطق النائية.
تزخر الجهة أيضًا بمؤهلات طبيعية متميزة، أهمها واجهتها البحرية الممتدة على أزيد من 200 كيلومتر، والتي تشكل رافعة حقيقية للسياحة البيئية والمستدامة، كما هو الحال في مشروع “مارتشيكا ميد” ومنتزه “أطاليون” بالناظور، اللذين يعكسان توازنًا بين الاستثمار و البيئة.
وقد أوضح رئيس مجلس جهة الشرق، السيد محمد بوعرورو، في تصريح له ضمن البرنامج أن الجهة عرفت دينامية تنموية واقتصادية واضحة بفضل التوجيهات الملكية، مضيفًا أن المجلس يسهر على تعزيز البنية التحتية، وتوفير فرص الشغل من خلال دعم المقاولات والمستثمرين، ومن بينهم شركات كبرى مثل المجموعة الصينية Aelon، وشركة Hirschmann Automotive العاملة في قطاع صناعة السيارات بمدينة وجدة.
من جانبه، أكد السيد علاء بركاوي، نائب رئيس المجلس، أن الجهة لم تعد كما كانت قبل سنة 2003، إذ بفضل خارطة طريق واضحة، تحولت من منطقة هامشية إلى فضاء اقتصادي حيوي يستقطب مشاريع كبرى ويمنح آفاقًا واعدة لشبابها وساكنتها.
هذا الزخم التنموي المتصاعد يعكس تحول جهة الشرق إلى نموذج فعلي للجهوية المتقدمة، ويؤكد أن الاستثمار في الإمكانيات الطبيعية والبشرية، إلى جانب الحكامة المحلية، قادر على نقل الجهات من دائرة التهميش إلى مصاف الأقطاب المنتجة والمساهمة بقوة في التنمية الوطنية الشاملة.