وطنية

إطلاق أول خط شحن بحري-سككي مباشر بين الصين والمغرب

اقتصاد الشرق

تم إطلاق أول رحلة شحن مباشرة بالسكك الحديدية بين الصين وميناء أفريقي على البحر الأبيض المتوسط، حيث أصبح ميناء طنجة المتوسط نقطة الوصول النهائية. إلى جانب السياسة الصينية الرامية إلى إلغاء الرسوم الجمركية تدريجياً على الصادرات الأفريقية، قد تسهم هذه الطريق اللوجستية الجديدة في تعزيز صادرات المغرب نحو السوق الصينية.

في 30 يونيو 2025، غادر قطار شحن مدينة تشنغدو في مقاطعة سيتشوان الصينية متجهاً إلى ميناء طنجة. يسلك هذا القطار مساراً متعدد الوسائط يعبر بولندا وألمانيا قبل الوصول إلى برشلونة، حيث يتم نقل البضائع بحراً إلى طنجة.

أول ربط بين الصين وأوروبا وأفريقيا
يأتي خط تشنغدو-طنجة عبر برشلونة في إطار استراتيجية لوجستية متكاملة تجمع بين النقل بالسكك الحديدية عبر أوروبا والنقل البحري في البحر الأبيض المتوسط، بهدف خفض التكاليف، وتحسين موثوقية عمليات التسليم، وتسريع الوصول إلى أسواق شمال أفريقيا.

تقود هذا التطور اللوجستي شركة “سيتشوان سيلك رود سابلاي تشين مانجمنت”، بالشراكة مع “دي بي دي” (التابعة لمجموعة “لا بوست” الفرنسية).
هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ربط قطار من سلسلة “تشاينا-أوروبا ريلواي إكسبريس” بميناء أفريقي على البحر المتوسط، مما يمهد الطريق لرحلات منتظمة بين تشنغدو وطنجة.

وعند الاتصال بخبير في النقل البحري للتعليق على هذا الممر اللوجستي الجديد، أشار إلى أن هذه المبادرة واعدة من عدة جوانب.
وأوضح: “هذا امتداد للخط الحديدي الشهير بين الصين وهامبورغ. هنا، ستكون هامبورغ بمثابة منصة لإعادة التوزيع: حيث يتم تفريغ الحاويات هناك، ثم شحنها إلى إسبانيا قبل نقلها بحراً إلى المغرب. من المتوقع أن يقلل هذا النظام بشكل كبير من أوقات التسليم بين الصين والمغرب. بتجنب المناطق الرئيسية للتوتر الجيوسياسي والابتعاد عن الطريق البحري الطويل عبر رأس الرجاء الصالح، توفر هذه الحلول مكسباً لوجستياً حقيقياً.”

ويرى الخبير أن هذه المرونة قد تجذب مشغلين جدداً، الذين كانوا مترددين سابقاً بسبب التأخير الطويل في أوقات التسليم. “يمكن تقليل المدة من أكثر من 35 يوماً إلى حوالي 20 يوماً، وهو ما يغير قواعد اللعبة للعديد من المستوردين. ومع ذلك، لست متأكداً من أن هذا سيكون أرخص من النقل البحري. إنه بالتأكيد أسرع، ولكن ليس بالضرورة أقل تكلفة. إلا إذا قامت الحكومة الصينية أو منطقة سيتشوان بدعم جزء من تكاليف النقل”، كما خلص إلى ذلك.

فرصة للمصدرين المغاربة
بالنسبة للمستوردين، فإن هذا المسار -الذي من المتوقع وفقاً لمجلة “أفريكا سابلاي تشين” أن يقلل التكاليف مع تحسين موثوقية التسليم- لا بد أن يزيد الاهتمام. وقد يشجع ذلك على زيادة الواردات من الصين، خاصة بالنسبة للمنتجات ذات القيمة المضافة العالية.

وبالمثل، تظهر فرصة كبيرة للمصدرين المغاربة. حيث تستعد الصين في الأشهر المقبلة لتوسيع سياسة إلغاء الرسوم الجمركية لتشمل الدول الأفريقية التي لم تستفد منها بعد.
هذا التطور التعريفي، إلى جانب إنشاء ممرات لوجستية موثوقة ومنافسة، يشكل رافعة مهمة لتعزيز وجود المنتجات “صنع في المغرب” في آسيا.

في هذا الصدد، أكد عبد الحق بنكرم، رجل أعمال مغربي مقيم في الصين وخبير في السوق الصينية، أن الممر المغربي-الصيني عبر برشلونة يتجنب النقاط الساخنة في اللوجستيات العالمية، والتي تشكل مصدراً متكرراً للتوترات الجيوسياسية والتأخيرات اللوجستية.
وأوضح بنكروم: “خط الشحن الجديد بين المغرب والصين، الذي يتجنب النقاط الحساسة (مضيق أورمز، قناة السويس، باب المندب)، يقلل التكاليف وعدم اليقين. مع الطلب الصيني على منتجات عالية الجودة، وزيادة القوة الشرائية، وسياسة الإعفاء الجمركي لـ 53 دولة أفريقية بما فيها المغرب التي يجري تنفيذها الآن، فإن المصدرين المغاربة أمام فرصة كبيرة.”

ويرى أن المؤشرات كلها تشير إلى ضرورة تحرك المشغلين المغاربة. “في عام 2024، استوردت الصين منتجات غذائية بقيمة 186 مليار دولار أمريكي فقط. يجب على الشركات المغربية التحرك بسرعة، وفهم متطلبات السوق الصينية، واستكشاف هذا البلد الصديق، البعيد جغرافياً لكنه غني بالفرص والوعود”، كما اختتم حديثه.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button