إصلاح ضريبي بلا ضوابط.. فوضى الإبراءات الجبائية تهدد استقرار السوق العقاري المغربي

اقتصاد الشرق
أثارت التعديلات الجبائية الأخيرة في المغرب موجة قلق واسعة في أوساط المهنيين والمواطنين على حد سواء، حيث يواجه القطاع العقاري ارتباكاً غير مسبوق بسبب غموض النصوص التطبيقية للمادة 139 من المدونة العامة للضرائب. وقد عبّر الموثقون عن مخاوفهم من تداعيات ما أسموه “القنبلة الجبائية”، التي أثرت بشكل خاص على موسم عودة مغاربة العالم، محولة إياه من فترة استثمار وازدهار إلى موسم شكوك وتأجيل للصفقات.
ويشير رشيد التدلاوي، موثق بالدار البيضاء، إلى أن تطبيق القانون الجديد الخاص بضريبة السكن تم دون إصدار مرسوم تطبيقي واضح أو مرحلة انتقالية تسمح بالتكيف مع المتغيرات. وقد أدى هذا الوضع إلى شلّ حركة السوق العقارية، حيث أصبح إتمام أي صفقة مشروطاً بالحصول على شهادة الإبراء الضريبي، مع تحميل الموثقين والعدول والمحامين مسؤولية تضامنية في حال عدم استيفاء هذا الشرط.
وتفاقمت الأزمة مع صدور تعليمات جديدة من المحافظة العقارية مطلع العام الجاري، تفرض إدراج شهادة الإبراء في كل عقد دون تحديد دقيق لنطاقها. وقد تفاجأ الكثيرون بامتداد هذه الشهادة ليشمل أنواعاً مختلفة من الضرائب غير المتعلقة مباشرة بالعقارات، مثل ضرائب المقاهي والمشروبات، مما خلق حالة من الارتباك والإحباط بين المتعاملين.
أمام هذا الوضع، تشهد الإدارات الضريبية ازدحاماً غير مسبوق، بينما تعاني مكاتب التوثيل من شلل في النشاط، وتجد منصات البيع العقاري الإلكترونية نفسها عاجزة عن تنفيذ التزاماتها. وبدأت تظهر تداعيات هذه الأزمة على نطاق أوسع، حيث يفكر بعض أفراد الجالية المغربية في الخارج بتحويل استثماراتهم إلى دول أخرى توفر بيئة أكثر استقراراً ووضوحاً.
ويؤكد التدلاوي أن المشكلة الأساسية تكمن في غياب التخطيط السليم لتنفيذ هذه الإصلاحات، حيث لم يتم توفير التكوين الكافي للموظفين، ولا تم إطلاق حملات توعية كافية للمواطنين. ونتيجة لذلك، تبقى أسئلة جوهرية دون إجابة واضحة، مثل تحديد السنوات الخاضعة للضريبة والجهات المسؤولة عن تحصيلها.
ويخلص المتحدث إلى أن هذه الإصلاحات، التي كان يفترض بها تعزيز الشفافية والثقة في النظام الضريبي، قد تحولت إلى مصدر إرباك وإعاقة للاستثمار، مما يتطلب تدخلاً سريعاً لتصحيح المسار وتوضيح الرؤية قبل تفاقم الأزمة أكثر.