المغرب يخطو بقوة في صناعة ألعاب الفيديو.. شراكات فرنسية وبرامج طموحة لبناء قطاع واعد

اقتصاد الشرق
في غضون بضعة أشهر فقط، شهد قطاع ألعاب الفيديو في المغرب تحولاً كبيراً مع إطلاق حاضنة لألعاب الفيديو، وبرنامج تدريبي متخصص، بالإضافة إلى معرض مهني مرموق. فقد انتقل هذا القطاع الذي ظل لسنوات على الهامش ليصبح اليوم رافعة استراتيجية حقيقية، مدعوماً بتعاون وثيق مع فرنسا التي تتمتع بخبرة عميقة في مجال الصناعات الثقافية والإبداعية.
جاء إطلاق برنامج “حاضنة ألعاب الفيديو” في الرباط شهر مارس الماضي بحضور وزير الثقافة محمد مهدي بنسعيد ووفد فرنسي رفيع المستوى، إلى جانب ممثلين بارزين من قطاع ألعاب الفيديو، ليشكل محطة فارقة في هذا المسار. وعلى مدى العامين الماضيين، تجسد هذا التعاون الثنائي من خلال سلسلة من المشاريع الملموسة شملت برامج تدريب متخصصة، ودعماً لرواد الأعمال، واستقطاباً للخبراء الدوليين لدعم النظم البيئية المحلية. ويأتي المعرض المغربي لألعاب الفيديو في نسخته الثانية الذي انطلق في الفترة من 2 إلى 6 يوليو بالرباط، كتتويج لهذه الجهود المشتركة.
يجمع هذا المعرض بين العروض التفاعلية، والمسابقات الرياضية الإلكترونية، وورش العمل المتخصصة، والجلسات النقاشية التي تضم خبراء دوليين. وقد شهدت الدورة الحالية مشاركة وفد فرنسي ضم نخبة من المطورين، والناشرين، والمنتجين، والباحثين، وخبراء التدريب، بما في ذلك ممثلين عن استوديوهات مستقلة مرموقة مثل “TA Publishing”، وشركات كبرى مثل “Ankama” و”Voodoo” و”Focus Entertainment”، إلى جانب شخصيات أكاديمية وباحثين متخصصين. تعكس هذه المشاركة الواسعة الاهتمام المتزايد بما يشهده المغرب من تطورات في هذا المجال، كما تؤكد مكانته كساحة خصبة للتجارب والشراكات الإبداعية.
وفي إطار الجهود الرامية إلى هيكلة القطاع بشكل شامل، تم إطلاق حاضنة متخصصة لألعاب الفيديو مطلع هذا العام بالشراكة مع السفارة الفرنسية بالمغرب، بهدف دعم الاستوديوهات الناشئة ومساعدتها على النمو. يعتمد هذا البرنامج على منهجية متكاملة تشمل التدريب الفردي، وورش العمل التخصصية في مجالات الإنتاج، والتسويق الدولي، وحقوق الملكية الفكرية، بالإضافة إلى توفير فرص المشاركة في أهم المعارض العالمية. تقود هذه المبادرة شراكة فرنسية-مغربية تجمع بين الخبرة الدولية والمعرفة المحلية العميقة.
وبالتوازي مع ذلك، تم إطلاق برنامج تدريبي مهني بالتعاون مع مدرسة “Isart Digital” المرموقة، يهدف إلى تأهيل كوادر متخصصة في مجالات تصميم الألعاب وبرمجة المحتوى التفاعلي. يجمع البرنامج بين الجانب النظري والتطبيق العملي من خلال سلسلة من المشاريع الجماعية وورش العمل المكثفة، أبرزها “الأسبوع المكثف للألعاب” الذي يمثل ورشة إبداعية جماعية تمتد على مدى خمسة أيام متواصلة. ويهدف هذا البرنامج إلى سد الفجوة بين المهارات الأكاديمية ومتطلبات سوق العمل الفعلية.
تعكس هذه التطورات قناعة راسخة بأن المغرب يتمتع بإمكانات هائلة ليكون لاعباً رئيسياً في صناعة ألعاب الفيديو العالمية، شرط توفير البيئة الملائمة للإبداع، ودعم هيكلة الشركات الناشئة، وتنمية السوق المحلية. ورغم التحديات الكبيرة التي لا تزال تواجه القطاع، خاصة في مجالات التمويل، والجوانب الضريبية، وآليات التوزيع، إلا أن الأسس اللازمة للنمو قد وضعت، مما يبشر بمستقبل واعد لهذه الصناعة الإبداعية في المغرب.