انطلاق مؤتمر دولي بوجدة حول إصلاح وتحديث المنظومة الصحية

اقتصاد الشرق
انطلقت اليوم بوجدة فعاليات أول مؤتمر دولي متعدد التخصصات في علوم الصحة (CIMSS)، وهو لقاء ينعقد يومي الأربعاء 3 والخميس 4 دجنبر 2025، بمبادرة من المعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بوجدة وكلية الطب والصيدلة بالمدينة. ويحمل المؤتمر شعار «الصحة والمستقبل: ملتقى الخبرات والابتكار»، ليشكّل فضاءً للنقاش بين باحثين ومهنيين ومسؤولين إداريين وخبراء في القانون الصحي والهندسة المعمارية ومختلف الفاعلين في المنظومة الصحية.
مقاربة جديدة في ظل ضغوط متزايدة على النظام الصحي
ينعقد هذا المؤتمر في سياق يعرف ضغوطاً متنامية على الأنظمة الصحية، نتيجة الحاجة المتزايدة لتحسين جودة الرعاية، وتداعيات التوترات الاجتماعية، وارتفاع الأمراض المزمنة، وتقدم العمر الديموغرافي، إلى جانب الأزمات الصحية التي أعادت إلى الواجهة سؤال استدامة السياسات الصحية. وفي هذا السياق، يواجه القطاع الصحي اليوم تحدياً مزدوجاً يتمثل في تقليص الفوارق في الولوج إلى العلاج، بالتوازي مع التحول نحو نماذج مندمجة ورقمية ووقائية.
ويشير المنظمون إلى أن هذه الدينامية الدولية تلتقي مع مسار الإصلاحات التي شرع المغرب في تنفيذها منذ شتنبر 2022، ضمن ورش إصلاح بنيوي عميق لنظام الصحة. وتشمل هذه الإصلاحات التعميم التدريجي للتغطية الصحية الشاملة، وإعادة تنظيم الحكامة داخل المستشفيات، ورقمنة الخدمات الصحية، في توجه يرمي إلى ضمان الولوج العادل والفعّال والآمن للرعاية.
المجموعات الصحية الترابية في قلب التحول
ويؤكد القائمون على المؤتمر أن هذه الإصلاحات تستدعي تعبئة مختلف التخصصات المرتبطة بالمنظومة الصحية، من علوم طبية وتمريضية وتدبير المستشفيات، إلى القانون الصحي والهندسة المعمارية للمؤسسات العلاجية. وفي هذا الإطار، يوضح ريّان بوعزاوي، الأستاذ الباحث بالمعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بوجدة ورئيس المركز الدولي للبحث المتعدد التخصصات في علوم الصحة، أن إحداث المجموعات الصحية الترابية (GST)، المنصوص عليها في القانون الإطار 06-22، يمثّل تحولاً بنيوياً أساسياً في طريقة تنظيم وتوجيه الخدمات الصحية.
وتهدف هذه المجموعات إلى تجاوز الطابع المجزّأ لعرض الخدمات، والتحول نحو قيادة ترابية مندمجة ترتكز على الأداء. وتعتمد هذه المقاربة على تجميع الموارد، وإرساء تعاقد داخلي واضح، وتعزيز مسؤولية الفاعلين في القطاع. ويسهم هذا النموذج في تحسين العدالة الترابية، وترشيد استعمال التمويلات العمومية، وتعزيز جودة الخدمات الصحية بشكل قابل للقياس.
تحديات التدبير الصحي وبناء حكامة حديثة
ورغم أهمية هذا التحول التنظيمي، يشدد بوعزاوي على أن نجاحه يظل مرتبطاً بتغيير عميق في طرق التدبير داخل القطاع الصحي. فالمنظومة التسييرية للمستشفيات مدعوة إلى تطوير ممارساتها نحو مزيد من المرونة والشفافية والنجاعة الاقتصادية، وإلى تعزيز القيادة المؤسسية داخل المؤسسات الصحية.
ويعتبر المتحدث أن التحدي الرئيسي اليوم هو مهننة التدبير وترسيخ ثقافة النتائج، عبر اعتماد حكامة حديثة قادرة على مواكبة التحولات الجارية داخل النظام الصحي، وتوفير الأسس اللازمة لتطبيق الإصلاحات الجديدة على أرض الواقع
نسخة الأسبوع من مجلتكم



