السعيدية تستضيف معرضاً يؤرخ لستين عاماً من الهجرة المغربية إلى بلجيكا

اقتصاد الشرق
تستضيف المحطة السياحية بالسعيدية معرضاً استثنائياً يحتفي بالتاريخ المشترك بين المغرب وبلجيكا، حيث يقام المعرض المتنقل “بلجيكا بلادي” تحت رعاية مجلس الجالية المغربية بالخارج في إطار جولة شاملة تشمل ثلاث مدن مغربية هي الناظور والسعيدية والحسيمة. تمتد فعاليات المعرض في السعيدية من الأول إلى الخامس عشر من شتنبر 2025، قبل أن ينتقل إلى الحسيمة في الفترة الممتدة من 22 إلى 30 شتنبر، علماً أن المحطة الأولى انطلقت في الناظور من 15 إلى 24 يوليوز الماضي.
تهدف هذه المبادرات الثقافية المهمة إلى تكريم المسارات النضالية للمهاجرين الأوائل وأبنائهم من بعدهم، مع التأكيد على إسهاماتهم الفعالة في تطوير المجتمع البلجيكي عبر مجالات متنوعة تشمل الأدب والمسرح والسينما وريادة الأعمال والعمل الجمعوي والإعلام والسياسة. هذه المبادرات تساهم في إبراز مساهمات المغاربة في بلجيكا وتعمل على استعادة ذاكرة جماعية أكثر توازناً وعدالة.
صُمم هذا المعرض في إطار إحياء الذكرى الستين لاتفاقية العمالة الموقعة عام 1964 بين المغرب وبلجيكا، ويتكون من 37 لوحة تؤرخ لقصة الهجرة المغربية إلى بلجيكا. يغطي المعرض فترة زمنية ممتدة منذ وصول العمال المغاربة الأوائل بعد الحرب العالمية الأولى وحتى اليوم، مسلطاً الضوء على بناء مجتمع بلجيكي متعدد الثقافات. تمثل قصة الهجرة المغربية إلى بلجيكا ذاكرة مشتركة تستحق الحفظ والنقل والتثمين.
يوضح الدكتور إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، أن تقديم هذا المعرض تتابعياً في الناظور ثم السعيدية وقريباً في الحسيمة يهدف إلى التذكير بعراقة وأهمية الهجرة بالنسبة لمنطقتين مهمتين هما الريف والشرق، وتكريم رواد هذا التاريخ العريق. من جهته، يعبر مروان توالي، رئيس دائرة الخريجين البلجيكيين بالمغرب، عن أملهم في أن يدرك الزوار بعد مشاهدة المعرض تنوع الجالية المغربية في بلجيكا وثراء الملفات الشخصية وعمق الروابط بين البلدين، بالإضافة إلى الصلات الوثيقة ببلدهم الأصلي المغرب.
يتضمن المعرض تكريماً خاصاً للشيخ أحمد ليو، وهو تكريم من مجلس الجالية المغربية بالخارج لجميع الفنانين الذين غنوا للهجرة المغربية. تعتبر موضوعة “الغربة” منذ فجر القرن الماضي مع الحاج بلعيد ومحمد يونسي وآخرين، مروراً بعبد الوهاب الدكالي، ثم كامل جيل الأغنية الشعبية والراي، موضوعة متكررة لترسيخ التعلق بالوطن الأم.
من خلال شعر تقليدي يمزج بين الروحانية والعواطف وحكايات الحياة، أعطى الشيخ أحمد ليو صوتاً لحقائق الغربة والهجرة. تناول معاناة المهاجرين في مواجهة العنصرية والوحدة والانفصال عن أحبائهم. من بين أعماله الرمزية نجد “رحت لباريس” و”لو كان عندي الباسبور” و”قصيدة الغريب” و”عندي النية نسافر” و”أنا خدام في أمستردام”. كما أدى بصوته المتميز الأغنية الشهيرة “الباسبور الأخضر”، مضيفاً صوته الفريد إلى الذاكرة الجماعية للهجرة المغربية.
إن اختيار الشيخ ليو ليس عفوياً، إذ أن طفولة وشباب جزء كبير من المغاربة المقيمين بالخارج، المنحدرين من الشرق والريف، ترعرعت على أنغام القصائد والكلمات المتدفقة والمناسبة والشاعرية لهؤلاء المطربين الشعبيين. يؤكد توالي أنهم يسعون من خلال تكريم الشيخ ليو إلى تكريم العديد من الآخرين الذين استطاعوا وصف حقائق حياة آلاف المواطنين المغاربة الذين هاجروا إلى أراضٍ نائية، متحملين قسوة الغربة وصعوبة الحياة المهنية وأحياناً الظلم والازدراء.
في هذا السياق، أصدر مجلس الجالية المغربية بالخارج سبع منشورات أعدها مغاربة-بلجيكيون في إطار تشجيعه لتبادل ونشر الأفكار والابتكارات التي حققها المغاربة المقيمون بالخارج.