الناظور

رابطة المستثمرين: الناظور تبحث عن الإنقاذ عبر تنويع استثماراتها

اقتصاد الشرق

تعيش مدينة الناظور على وقع اختلالٍ كبير في هيكلتها الاستثمارية، حيث يسيطر قطاعا العقار والبناء على المشهد، بينما يغيب تمامًا أيُّ استثمارٍ حقيقي في المجالات الترفيهية أو الثقافية أو الاجتماعية التي من شأنها أن تحقق تنميةً مستدامةً وتجذب الزوار على مدار العام. هذا الواقع حوَّل المدينة إلى فضاءٍ استهلاكي موسمي، يعيش انتعاشةً صيفيةً قصيرةً تليها شهورٌ من الركود، مما ينعكس سلبًا على اقتصادها ومستقبلها الاجتماعي.

تستقبل الناظور خلال فصل الصيف أبناءها من الجالية المغربية المقيمة بالخارج، مما يُعطي دفعةً مؤقتةً للحركة التجارية، لكن سرعان ما تعود الأمور إلى نقطة الصفر مع نهاية الموسم، حيث تُغلق العديد من المحلات أبوابها، وتنخفض فرص العمل، وتهاجر الكفاءات إلى مدنٍ أخرى أكثر استقرارًا. هذه الحالة لا تؤثر فقط على الاقتصاد المحلي، بل تُعمق أيضًا الصورة النمطية السلبية عن المدينة التي توصف بأنها خالية من الحياة خلال معظم أشهر السنة.

رغم الموقع الاستراتيجي للناظور وقربها من الحدود مع مليلية، بالإضافة إلى كثافة جاليتها في الخارج، إلا أن غياب رؤيةٍ استثماريةٍ واضحة يحول دون استغلال هذه المزايا. فالمشاريع القائمة تكرس النمط الاستهلاكي التقليدي، بينما تظل الاستثمارات الثقافية والترفيهية غائبةً تمامًا، مما يحرم المدينة من فرصٍ حقيقيةٍ لتنشيط السياحة الداخلية وجذب استثماراتٍ أكثر تنوعًا.

يُشير عدد من المهتمين بالشأن الاقتصادي في الناظور إلى أن الحل يكمن في اعتماد سياساتٍ استثماريةٍ جديدة تشجع على تنويع القطاعات، مع إيلاء أهمية خاصة للمشاريع الترفيهية والثقافية التي تستهدف ليس فقط الساكنة المحلية، بل أيضًا الزوار من المدن المجاورة والمغتربين. كما أن تطوير البنية التحتية وخلق فضاءاتٍ عامةٍ جاذبةٍ يمكن أن يساهم في كسر الحلقة المفرغة للاقتصاد الموسمي.

في ظل غياب مبادراتٍ حكوميةٍ واضحة لمعالجة هذا الخلل، يبقى مستقبل الناظور الاقتصادي والاجتماعي رهينًا بقدرة الفاعلين المحليين على الضغط من أجل تبني استراتيجيةٍ تنمويةٍ شاملة، تستفيد من موقع المدينة وطاقاتها البشرية، وتحولها من مدينةٍ موسميةٍ إلى قطبٍ اقتصاديٍ حيوي على مدار العام. فهل تنجح الناظور في كسر هذه الدورة، أم ستظل أسيرة النموذج الاستثماري الأحادي الذي يهدد مستقبلها؟

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button