جرادة.. صمود الكرموس الهندي في وجه الدودة القرمزية

اقتصاد الشرق
من المؤكد أن الدودة القرمزية تسببت في أضرار جسيمة وكادت تقضي على زراعة الصبار (الكرموس الهندي) في جهة الشرق. ومع ذلك، فإن تجربة رائدة في إقليم جرادة تثبت أن القاعدة العامة ليست مطلقة. فالصبار التقليدي يمكنه مقاومة الآفة بشرط اتباع تقنيات زراعية محددة، ومراقبة مستمرة، والاستفادة من الخبرات الموروثة، مع التركيز على الأصناف المقاومة.
يكفي تباعد زراعة أشجار الصبار بمسافة 5×3 أمتار لتجنب الكثافة الضارة والتدخل في الوقت المناسب لمواجهة اليرقة. علاوة على ذلك، نجد أن بعض المزارع نجت من انتشار الحشرة المدمرة بفضل إجراءات صارمة لمنع انتشار الدودة القرمزية، مثل برامج المعالجة الصحية للنباتات وتدمير الفصوص المصابة فورًا.
في منطقة الشرق، دُمِّر أكثر من 10 آلاف هكتار قبل أن يتم كبح انتشار الآفة التي تسببت في خسائر كبيرة في الحقول وأثرت سلبًا على دخل المزارعين الصغار. إلا أن هذا التدمير الواسع كان له تأثير مدمر على الإنتاجية، مما يفسر الارتفاع الكبير في الأسعار بالسوق. “هل من المعقول أن نشتري حبة تين شوكي واحدة بـ 5 أو 10 دراهم، بينما كانت تباع في الأسواق المحلية بـ 10 دراهم للقلة (5 كيلوغرامات)؟” يتساءل السيد حميدة، بائع الكرموس الهندي.
وهو ليس الوحيد الذي يستغرب الأمر، فالكثير من الأسر التي كانت تعتبر هذا الفاكهة خيارها الأول في الصيف لم تعد قادرة على شرائه. ويضيف السيد حميدة: “علينا الانتظار حتى تصل الزراعات الجديدة إلى مرحلة النضج حتى تنخفض الأسعار ونتمكن من الاستمتاع بهذه الفاكهة المحلية بأسعار معقولة.”
من جهته، يؤكد عبد الرحمن أنفلوس، المدير الإقليمي لوزارة الزراعة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن المتابعة اليومية ومكافحة بؤر الحشرة الآكلة الأولى قد أعطت نتائج إيجابية.
وخير مثال على ذلك مزرعة غير مقاومة للدودة القرمزية بالقرب من منطقة ڭنفودة (إقليم جرادة)، والتي ما زالت تحقق إنتاجية جيدة. حيث تمكن ملاكها من التصرف في الوقت المناسب بفضل دورات تدريبية شاركوا فيها مع باحثين ذوي خبرة عالمية.
ويضيف أنفلوس: “الوزارة لا تنوي التوقف عند منتصف الطريق، خاصة أنها قد برمجت زراعة مئات الهكتارات الإضافية، ولكن هذه المرة باستخدام شتلات وأصناف مقاومة للحشرة القشرية.”
الطلب مرتفع على الأصناف الجديدة، مما شجع وزارة الزراعة على اعتماد أساليب جديدة في إطار الزراعة التضامنية. الهدف هو تهيئة الظروف المناسبة لنجاح البرامج الزراعية في المناطق الهشة، ضمن مقاربة تنموية مستدامة.
هذا البديل أثبت نجاحه لأنه يجمع بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والحفاظ على الموارد الطبيعية. كما يعزز قدرة الأصناف المختارة على مواجهة التقلبات المناخية والمخاطر الصحية النباتية.
معايير يجب التحكم فيها
عمليًا، يتطلب ذلك التحكم في عدة معايير: اختيار الأرض، كثافة الزراعة وطرقها، التكيف مع أنواع التربة ودرجات الحرارة المختلفة، اختيار الأدوات المستخدمة في الزراعة والمتابعة، تقليم الشتلات وفترة تنفيذ ذلك، تسميد الثمار والفصوص، مراحل النمو والحصاد، وغيرها. هذه المتطلبات تؤخذ بعين الاعتبار بجدية من قبل الفئات المستهدفة.
هذه المنهجيات تم عرضها خلال لقاءات التوعية بمخاطر الحشرة القشرية في سيدي إفني (آيت با عمران)، والتي شارك فيها فلاحون من إقليم جرادة، كما أكد عبد الرحمن تيڭانمين، مدير مزرعة صبار مخصصة لزراعة التين الشوكي.
ويوضح تيغانمين: “لقد نجحت التجربة، والحمد لله بدأنا تسويق الثمار، ونأمل تطوير الإنتاج أكثر من خلال زراعة هكتارات إضافية لخفض الأسعار.”