308 ملايين درهم لربط الحسيمة بميناء الناظور غرب المتوسط

اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺸﺮق
تشهد البنية التحتية الرابطة بين إقليم الحسيمة وميناء الناظور غرب المتوسط تحولاً استراتيجياً من شأنه إعادة رسم خريطة التنمية الاقتصادية بجهة الشرق. فمع اقتراب موعد تشغيل هذا الصرح البحري الضخم، تتسارع وتيرة الأشغال لضمان ربط الحسيمة بميناء الناظور عبر محاور طرقية حديثة تستجيب لمتطلبات الحركية الاقتصادية المرتقبة.
يمثل ميناء الناظور غرب المتوسط رهاناً تنموياً كبيراً لجهة الشرق برمتها، إذ يطمح المغرب من خلاله إلى تعزيز مكانته كقطب لوجستي في حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي. غير أن نجاح هذا المشروع الطموح يتوقف بشكل حاسم على جودة الربط الطرقي مع مختلف المدن والأقطاب الإنتاجية بالجهة، وفي مقدمتها إقليم الحسيمة الذي يمتلك إمكانات صناعية وفلاحية وسياحية واعدة.
في هذا الإطار، خصصت السلطات العمومية غلافاً مالياً يقدر بـ 308 مليون درهم لتحسين الربط بين المناطق الصناعية بالحسيمة وميناء الناظور غرب المتوسط. يهدف هذا الاستثمار إلى الرفع من مستوى السلامة الطرقية وتحسين ظروف تنقل مستعملي الطريق، خاصة الشاحنات الثقيلة التي ستشكل شريان نقل البضائع بين الإقليم والميناء. وتتضمن الأشغال معالجة النقط السوداء التي تعيق انسيابية الحركة وترفع من مخاطر الحوادث، ما يضمن ولوجاً آمناً وسريعاً للناقلين والمستثمرين.
لكن الطموح لا يتوقف عند حدود الطرق الداخلية، بل يمتد ليشمل الطريق الساحلية المتوسطية التي تربط الحسيمة بباقي أقطاب الجهة. تعتزم الحكومة تحسين هذا المحور الحيوي لضمان اندماج فعلي للإقليم ومطاره الشريف الإدريسي في المنظومة اللوجستية للميناء. من المنتظر أن تنتهي هذه الأشغال قبل متم السنة الجارية، ما سيفتح آفاقاً واسعة أمام المستثمرين والمصدرين بالإقليم للاستفادة من البنيات الحديثة للميناء.
تكتسي عملية ربط الحسيمة بميناء الناظور أهمية بالغة على المستوى الاقتصادي، إذ ستمكن الفاعلين المحليين من تقليص كلفة النقل وأجل التصدير، وهو ما يعزز تنافسية المنتجات المحلية في الأسواق الدولية. كما ستساهم هذه البنيات في استقطاب استثمارات جديدة نحو المناطق الصناعية بالحسيمة، خاصة في القطاعات الموجهة للتصدير كالصناعات الغذائية والنسيج والمنتجات البحرية.
ويأتي هذا المشروع في سياق أوسع يشمل تطوير شبكة طرقية متكاملة حول الميناء، تتضمن بناء الطريق السيار الرابط بين كرسيف والناظور بطول 104 كيلومترات، وتهيئة عدة محاور وطنية وجهوية. تبلغ الاستثمارات الإجمالية المخصصة لهذه المشاريع نحو 10 مليارات درهم، ما يعكس حجم الرهان الذي يضعه المغرب على هذا القطب الاقتصادي الصاعد.
على الصعيد الاجتماعي، من المرتقب أن تساهم هذه الأوراش في خلق فرص شغل مباشرة وغير مباشرة بإقليم الحسيمة، سواء في مجال البناء والأشغال العمومية أو في الأنشطة اللوجستية والخدمات المرتبطة بالنقل والتصدير. كما ستحسن من ولوج الساكنة إلى الخدمات الأساسية وتعزز الحركية بين المدن، ما ينعكس إيجاباً على جودة حياة المواطنين.
يؤكد زهير بن صبو، المدير الجهوي للتجهيز والنقل واللوجستيك بجهة الشرق، أن هذه المشاريع ضرورية لضمان اندماج كامل للحسيمة في ديناميكية التنمية الشاملة التي تعرفها الجهة. ويضيف أن الربط الجيد بالميناء سيتيح للإقليم الاستفادة القصوى من الفرص التي يوفرها هذا الصرح الاستراتيجي، ويعزز مكانته كقطب اقتصادي واعد بالمنطقة الشمالية الشرقية للمملكة.
مع اقتراب موعد دخول ميناء الناظور غرب المتوسط حيز الخدمة الكاملة، تبدو الحسيمة على موعد مع تحول اقتصادي نوعي قد يعيد تشكيل ملامحها الإنتاجية والتجارية. النجاح في إنجاز هذه البنيات الطرقية في الآجال المحددة سيكون المفتاح الأساسي لتحويل هذه الإمكانات إلى واقع ملموس يعود بالنفع على الساكنة والمستثمرين على حد سواء.