مشروع قانون المالية 2026: تشديد الرقابة الضريبية وحوافز للقطاعات الإنتاجية

اقتصاد الشرق
يسعى مشروع قانون المالية 2026 إلى تصحيح الثغرات الضريبية دون إحداث تغيير جذري في المنظومة الجبائية المغربية. ويركز النص على تحسين عدة آليات قائمة بهدف محاصرة التهرب الضريبي، تحفيز الاستثمار، ومواصلة المساهمة التضامنية في سياق تعافٍ اقتصادي لا يزال متفاوتاً بين القطاعات والمناطق.
مساهمة التضامن والشفافية الضريبية
من أبرز الإجراءات الواردة في مشروع قانون المالية 2026 تمديد المساهمة التضامنية على الأرباح والمداخيل التي تفوق مليون درهم حتى سنة 2028، وذلك لمواصلة تمويل تعميم الحماية الاجتماعية وبرامج التماسك الاجتماعي التي أطلقتها الحكومة.
ولتعزيز الشفافية، يقترح النص توسيع نطاق الاقتطاع من المنبع على الضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة ليشمل خدمات مقدمة من الأشخاص الاعتباريين للمؤسسات المالية وشركات التأمين وإعادة التأمين، فضلاً عن المقاولات التي يتجاوز رقم معاملاتها 50 مليون درهم. كما ستخضع المداخيل الكرائية للاقتطاع من المنبع بنسبة 5% سواء للشركات أو الأفراد الخاضعين للنظام المهني.
تشديد الرقابة على العمليات المالية
يفرض مشروع القانون التصريح بالأرباح الرأسمالية الناتجة عن التنازل عن الأسهم غير المدرجة في البورصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ العملية. أما المعاملات العقارية أو التجارية التي تتم دون استخدام وسائل الدفع القابلة للتتبع، فستخضع لرسوم تسجيل إضافية بنسبة 2%، في خطوة تهدف إلى الحد من الاقتصاد النقدي غير المراقب.
دعم القطاعات الإنتاجية والرياضة
يؤكد مشروع قانون المالية 2026 على مرافقة القطاعات الإنتاجية من خلال توسيع الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة ليشمل الأسمدة ودعامات الزراعة، مع توحيد مدة الإعفاء على معدات الاستثمار في 24 شهراً لجميع المشاريع.
وفي إطار تشجيع القطاع الرياضي، ستستفيد الجمعيات الرياضية من نظام جبائي تنازلي، حيث ستحظى مداخيل الرياضيين والمدربين والأطر التقنية بتخفيض بنسبة 90% سنة 2026، ثم 80% و70% و60% على التوالي حتى 2029. كما تم تمديد الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة على أنشطتها حتى نهاية 2030.
أما مؤسسات التمويل الأصغر المحولة إلى شركات مساهمة، فستستفيد من تخفيف الضريبة على الشركات خلال السنوات الخمس الأولى من نشاطها، في إشارة واضحة لدعم الشمول المالي.
تبسيط الإجراءات الإدارية
يتيح المشروع لكل مُكلف بالضريبة إمكانية التصريح بعنوان إلكتروني موحد، مما يسهل التواصل مع الإدارة الضريبية. كما تم توحيد رسوم التسجيل لتصبح 200 درهم ثابتة للقروض والضمانات، ونسبة 0.1% على الصفقات العمومية لتسريع الإجراءات.
ويوضح النص أيضاً النظام الجبائي لهيئات التوظيف الجماعي للرساميل، بحيث ستعكس الضريبة الطبيعة الفعلية للمداخيل الموزعة سواء كانت أرباحاً أو فوائد أو أرباحاً رأسمالية.
تعديلات جمركية لحماية الإنتاج الوطني
يتضمن مشروع قانون المالية 2026 مراجعات مستهدفة للرسوم الجمركية لمواكبة تطوير الجهاز الإنتاجي الوطني. فقد ارتفع الرسم على استيراد أقمشة الجاكار من 10% إلى 30%، وكذلك على الغسالات والمجمدات المنزلية إلى 17.5%. ورُفع الرسم على راتنج البي في سي وبعض الخيوط الأحادية إلى 10% لدعم صناعة البلاستيك المحلية.
في المقابل، انخفضت الرسوم على مدخلات استراتيجية، حيث تراجعت على المقاطع الألومنيومية والصناديق الحديدية ومكونات الآلات شبه الأوتوماتيكية من 30% إلى 17.5%، بينما أصبحت المبيدات الزراعية والمنتجات الصيدلية الموجهة للقطاع العام خاضعة لرسم 2.5% فقط.
كما خُفّض الرسم على الأخشاب المستوردة من 12% إلى 6% بالنسبة لبعض الأخشاب الخام والألواح المستخدمة كمواد أولية، بهدف تعزيز تنافسية القطاع الوطني للخشب.
وأخيراً، تم تمديد تنفيذ وضع العلامات الجبائية على المنتجات البترولية لتشمل الكيروسين والفيول والبوتان والبروبان التجاريين، مع تأجيل دخولها حيز التنفيذ إلى يناير 2028 لإتاحة الوقت الكافي لنشر البنية التقنية اللازمة.