مشاريع تحلية مياه البحر والسدود في قلب تحدي الأمن المائي

اقتصاد الشرق
تسير مشاريع تحلية مياه البحر بوتيرة منتظمة بهدف بلوغ طاقة إنتاجية سنوية تصل إلى 1.7 مليار متر مكعب بحلول عام 2030. هذا ما أكده وزير التجهيز والماء، نزار بركة، عقب اجتماع لجنة توجيه البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب والري 2020-2027، الذي ترأسه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش. ويشمل هذا البرنامج أيضًا إعادة برمجة بعض مشاريع السدود وتسريع وتيرة إنجاز سدود أخرى ذات أولوية.
تشهد الوضعية تحسنًا نسبيًا رغم الضغط الكبير على الموارد المائية، خاصة في ظل الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة خلال الأيام الأخيرة. في هذا الصدد، أشار نزار بركة إلى أن بعض المناطق القروية والتجمعات ما زالت تعاني من نقص في التزويد بالماء، مما استدعى اتخاذ سلسلة من الإجراءات العاجلة، منها اقتناء صهاريج إضافية لتأمين الماء في المناطق المتضررة، وتسريع تنفيذ عدة مشاريع استثمارية مرتبطة بالسدود وتحسين تدبير الموارد المائية. وأكد الوزير أن قطاعه يعمل، بتنسيق مع مختلف المتدخلين، على ضمان التزويد المستمر بالماء الصالح للشرب، خاصة خلال فصل الصيف، عبر آليات استباقية تعتمد على ترشيد الاستهلاك وتعبئة الموارد على المستويين الجهوي والمحلي.
بلغت مخزونات السدود حوالي 4.3 مليارات متر مكعب
حتى السابع من يوليو 2025، بلغت نسبة ملء السدود 37.4%، بحسب بلاغ لرئاسة الحكومة. ومن جهة أخرى، كشف نزار بركة، خلال زيارة ميدانية لمشروع سد الرطبة، أن الأشغال في هذا المشروع الحيوي الواقع بجماعة عودة (إقليم تاونات) وصلت إلى نسبة إنجاز تقدر بـ30%. ويتميز هذا السد، الذي تبلغ طاقة تخزينه قرابة مليار متر مكعب، بأهميته البالغة في تأمين الماء الشروب للساكنة، والحماية من الفيضانات، وتطوير الفلاحة عبر سقي مساحات شاسعة من أشجار الزيتون. وأوضح مسؤول المشروع، محسن باحتات، أن هذا السد، الذي تبلغ كلفته الإجمالية 4.5 مليارات درهم، يندرج ضمن البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب والري 2020-2027، وسيسهم في إنتاج طاقة كهرومائية نظيفة ومستدامة، فضلاً عن خلق فرص الشغل وتحسين ظروف عيش السكان. ومن المتوقع أن يشرع في تشغيله نهاية عام 2028، أي قبل سنة من الموعد المقرر.
تكاليف طاقية وحاجة للبنيات التحتية… تحديات جسيمة
سلط تقرير “الماء والمناخ، المغرب في مفترق الطرق؟” الصادر عن المعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي الضوء على محورين رئيسين: السدود التقليدية وتحلية مياه البحر. فقد شيد المغرب 154 سدًا كبيرًا، رافعًا طاقته النظرية إلى نحو 20 مليار متر مكعب بحلول 2024، إلا أن الحجم الفعلي للمياه المحتجزة لم يتجاوز 4.5 مليارات متر مكعب تلك السنة، أي ربع السعة فقط. ويعاني العديد من السدود من مشكل الترسيب المتفاقم بسبب الانجراف، مما يتسبب في فقدان 50 مليون متر مكعب سنويًا، ويهدد استدامة عدة منشآت بحلول 2040.
في مواجهة هذه التحديات، يعول المغرب بشكل متزايد على تحلية مياه البحر، التي وصفها التقرير بـ”الركن الناشئ” للسياسة المائية الوطنية. وتجري الإعداد لمشاريع طموحة لتغطية 50% من حاجيات الماء الشروب بحلول 2030، خاصة في المدن الساحلية مثل الدار البيضاء وأكادير والداخلة. غير أن هذا التحول الاستراتيجي، رغم اعتماده على شراكات بين القطاعين العام والخاص، يواجه عقبات كبرى، أبرزها ارتفاع كلفة الطاقة، والتبعية للواردات الطاقية، والحاجة إلى بنيات تحتية قادرة على مواجهة التغيرات المناخية.
كما أبرز التقرير ضرورة تحديث الحكامة المائية، مشيرًا إلى التشتت المؤسساتي الذي يعرقل تنفيذ المشاريع، وداعيًا إلى تدبير أكثر تكاملاً وتنسيقًا بين وكالات الأحواض المائية والجماعات الترابية والمشغلين. باختصار، لم يعد المغرب قادرًا على الاعتماد حصريًا على سدوده المتقدمة في السن. فمستقبل الأمن المائي للبلاد رهين بمزج جرئ بين التقنيات غير التقليدية والإصلاحات الهيكلية.