كيف يمكن للمغرب أن يتجاوز عجز 3 مليار دولار في المبادلات التجارية مع تركيا؟

اقتصاد الشرق
بحث سبل تعزيز الصادرات المغربية إلى السوق التركية وتجاوز التحديات المرتبطة بالاختلال التجاري. نُوقش الموضوع يوم الاثنين في أنقرة، خلال الدورة السادسة للجنة المشتركة لمتابعة تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين.
يعتمد التبادل التجاري بين المغرب وتركيا على دينامية غير متوازنة. فالصناعات التركية تصدر أساسًا سلعًا مصنعة منخفضة التكلفة، بينما يعتمد المغرب على موارده الصناعية (السيارات، الفوسفات)، والزراعية الغذائية، والمعدنية. هذا الاختلال يفسر الإجراءات الجمركية المغربية، والضغوط لإعادة التوازن إلى اتفاقية التجارة الحرة، والجهود لجذب استثمارات تركية في قطاعات ذات قيمة مضافة أعلى محليًا.
يواجه المغرب عجزًا تجاريًا مع تركيا بقيمة 3 مليارات دولار، يعزى أساسًا إلى استيراد الأقمشة، كما أفادت رويترز مؤخرًا.
ترأس هذه الدورة السادسة لمتابعة اتفاقية التجارة الحرة كل من وزير الدولة لدى وزير الصناعة والتجارة المكلف بالتجارة الخارجية، عمر حجيرة، ونائب وزير التجارة التركي، مصطفى توزجو. وتندرج هذه اللجنة ضمن برنامج المملكة للتجارة الخارجية 2025-2027، وتهدف إلى تقييم تنفيذ الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ منذ 1 يناير 2006.
وفقًا لبيان مشترك صدر بعد الاجتماع، أكد الجانبان رغبتهما في إقامة شراكة قائمة على مبدأ “الربح للجميع”. ولهذا الغرض، اتفق المغرب وتركيا على دراسة أعمال اللجنة الفنية التي قامت بتقييم التبادل التجاري، وتحديد الصعوبات التي تواجه المتعاملين الاقتصاديين، واقتراح آليات لتعزيز التعاون الثنائي. كما اتفق الطرفان على مجموعة من الإجراءات العملية، مثل زيادة حجم التبادل التجاري الذي يبلغ حاليًا حوالي 5 مليارات دولار، وذلك من خلال تعزيز تكامل صناعات التحويل في البلدين، وتنظيم منتدى الأعمال والاستثمار التركي المغربي خلال عام، فضلًا عن مؤتمرات ولقاءات ترويج الاستثمار المشترك.
كما قررت الرباط وأنقرة إنشاء قناة اتصال مباشرة بين الوزارتين بهدف رفع العقبات، وتحسين الميزان التجاري، وتسهيل وصول المنتجات الزراعية المغربية إلى السوق التركية، وتنظيم لقاءات أعمال مباشرة (B2B). كما يتعلق الأمر بإطلاق مشاريع إنتاج مشترك، خاصة في قطاع النسيج، بهدف استهداف الأسواق الخارجية، وتطوير التعاون في مجالات ريادة الأعمال والاستشارات والبنى التحتية، للاستفادة الكاملة من اتفاقية التجارة الحرة كرافعة للمشاريع الكبرى المقبلة في المملكة.
يبقى التحدي أمام المغرب هو تحويل هذه الاتفاقية التجارية إلى فرصة صناعية، عبر جذب المزيد من الاستثمارات التركية إلى أراضيه. معادلة صعبة ولكنها ضرورة مع اقتراب مواعيد كبرى مثل كأس العالم 2030، حيث ستكون التحديات الاقتصادية والجيواستراتيجية كبيرة.
رغم هذا الاختلال، يستكشف البلدان مسارات جديدة للتعاون في قطاعات ذات قيمة مضافة أعلى، مثل الطاقات المتجددة، وصناعة السيارات، والدفاع، واللوجستيك. لكن حتى الآن، لا يزال التبادل التجاري الثنائي مُهيمنًا عليه من الجانب التركي، بفضل المنتجات الصناعية منخفضة التكلفة التي تشكل عبئًا على الميزان التجاري.
مكونات التبادل التجاري:
وراء أرقام التبادل التجاري بين المغرب وتركيا، توجد تدفقات محددة من المنتجات تحدد طبيعة العلاقات بين البلدين. في عام 2025، يعتمد التبادل الثنائي على سلة غير متوازنة، تهيمن عليها الصادرات التركية.
على الجانب التركي، تشكل المنتجات النسيجية والملابس جوهر الصادرات إلى المغرب. حيث تغزو القمصان، والأقمشة، والملابس منخفضة التكلفة السوق المغربية، “متنافسة مباشرة مع الإنتاج المحلي”. ويبرر قطاع النسيج وحده جزءًا كبيرًا من الإجراءات التي اتخذتها الرباط مؤخرًا.
أما الركيزة الثانية فهي المنتجات الكيميائية، خاصة الأسمدة، والمذيبات، واللدائن. ففي يناير 2025 فقط، بلغت قيمتها حوالي 178 مليون دولار، وفقًا للجمارك التركية. إلى جانب ذلك، تأتي الآلات، وقطع الغيار الصناعية، والأجهزة الكهربائية المنزلية، ومواد البناء مثل الصلب، والسيراميك، والأنابيب.
أما على الجانب المغربي، فتبقى الصادرات نحو تركيا متواضعة، وتتركز أساسًا على المنتجات الزراعية مثل الحمضيات، والطماطم، والزيتون، والأسماك المصنعة. بالإضافة إلى بعض المنتجات المعدنية والفوسفاتية، وبعض مكونات السيارات القادمة من المناطق الصناعية في طنجة والقنيطرة.