وطنية

كيف تسببت التساقطات المطرية في تعطيل ورشات البناء في المغرب؟

اقتصاد الشرق

ساهمت التساقطات المطرية الأخيرة في إنعاش الموسم الفلاحي، بعد سنوات من الجفاف المتوالي، مما دفع آلاف العمال الموسميين في ورشات البناء ومشاريع البنية التحتية إلى العودة المفاجئة إلى أراضيهم الزراعية. هذا التحوّل تسبب في شلل جزئي لعدد من المشاريع وتعطيل سيرها الطبيعي، كاشفاً عن هشاشة سوق الشغل في قطاع البناء الذي يعتمد بشكل كبير على عمالة غير مستقرة.

أزمة عمالة وتداعيات اقتصادية

يعكس هذا الواقع غياب سياسات فعالة لضمان استقرار اليد العاملة وتوزيعها بشكل متوازن بين القطاعات. كما أجبر انسحاب العمال المفاجئ الشركات على مراجعة نماذج إدارة الموارد البشرية وضبط التكاليف، خاصة مع الارتفاع الكبير في الأجور نتيجة النقص الحاد في العمالة الماهرة، مما أثّر سلباً على الميزانيات التقديرية للمشاريع.

وتفاقمت الأزمة مع الاستعدادات لاستضافة “كأس العالم 2030″، حيث أصبح النقص في اليد العاملة يشكل تحدياً ملحّاً يتطلب تدخلاً عاجلاً من الحكومة والمقاولات ومؤسسات التكوين.

ارتفاع الأجور وتراجع الإنتاجية

شهد قطاع البناء ارتفاعاً كبيراً في أجور العمال المهرة بنسبة تصل إلى 25% خلال سنة واحدة، مما أدى إلى زيادة تكاليف البناء وتباطؤ وتيرة إنجاز المشاريع السكنية والبنية التحتية. ويرجع هذا النقص إلى عدة أسباب، منها هجرة العمال إلى ورشات أكثر ربحية تديرها شركات أجنبية، والعودة إلى القطاع الفلاحي، بالإضافة إلى ضعف برامج التكوين المهني.

وأكد خبراء أن الحلول تكمن في تعزيز التكوين المهني، وتحسين ظروف العمل، واعتماد التكنولوجيا لتخفيف آثار ندرة اليد العاملة، مما يساهم في دعم النمو الاقتصادي والاجتماعي، خاصة في ظل الطلب المتزايد على البناء استعداداً لـ “المونديال”.

العمالة الأجنبية: حلّ مؤقت أم مشكلة جديدة؟

في ظل النقص الحاد، لجأ بعض المقاولين إلى تشغيل عمال أجانب، خاصة من دول إفريقيا جنوب الصحراء، لضمان استمرارية الورشات. إلا أن هذا الخيار يطرح إشكالات قانونية، حيث يعمل الكثير منهم دون تصاريح رسمية، مما يتعارض مع قانون الشغل.

ورغم أن بعض المقاولين يرون في هذه العمالة حلاً مؤقتاً، فإنهم يشددون على ضرورة تسهيل الإجراءات القانونية لتشغيلهم بشكل نظامي، مع تحسين ظروف العمل لجذب اليد العاملة المحلية مجدداً.

وفي هذا الصدد، يواجه قطاعات البناء والفلاحة تحدي التوازن في توزيع العمالة، مما يتطلب سياسات متكاملة لضمان استقرار القوى العاملة وتجنب الأزمات المستقبلية، خاصة مع المشاريع الكبرى المرتقبة في المغرب.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button