قاضي التحقيق بفاس يحيل قضية اختلاس 610 ملايين درهم من “العمران الشرق” على المحاكمة

اقتصاد الشرق
أنهى قاضي التحقيق المختص بالجرائم المالية بمحكمة الاستئناف بفاس، السيد محمد الطويلب، مرحلة التحقيقات التفصيلية في قضية الاختلالات المالية الخطيرة التي هزت شركة “العمران الشرق”، حيث قرر إحالة زكرياء لزرق المدير العام السابق للشركة ومتهمين آخرين على المحاكمة أمام غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بالجرائم المالية. هذا القرار جاء بعد أكثر من عام كامل قضاه المتهمون في سجن بوركايز بفاس، حيث من المقرر أن تنطلق جلسات المحاكمة اعتباراً من يوم الثلاثاء التاسع من شهر سبتمبر الجاري.
تشمل قائمة المتهمين إلى جانب المدير العام السابق، مسؤولين آخرين في مناصب حساسة بالشركة من بينهم المدير المالي والمدير التجاري، بالإضافة إلى عدد من المقاولين المتورطين في هذه القضية المعقدة. القضية برمتها انطلقت إثر تقديم شكاية رسمية من طرف شركة “العمران جهة الشرق” ضد إدارتها السابقة، وذلك بعدما كشف تدقيق داخلي شامل عن وجود اختلالات مالية جسيمة قدرت بحوالي 610 ملايين درهم مفقودة من خزائن الشركة.
كشفت التحقيقات المعمقة أن إجمالي قيمة الاتفاقيات والعقود المبرمة من قبل الشركة وصل إلى حوالي 4.97 مليارات درهم، بينما بلغت المبالغ المحولة فعلياً إلى حسابات الشركة ما يزيد عن 3.46 مليارات درهم. وفق الحسابات الطبيعية، كان من المفروض أن يتبقى في حسابات الشركة مبلغ يتجاوز 612 مليون درهم، لكن عمليات التدقيق والمراجعة المالية أظهرت صدمة كبيرة عندما تبين أن الرصيد الفعلي الموجود في الحسابات لا يتعدى 1.7 مليون درهم فقط، مما يشير إلى اختفاء مبالغ ضخمة بطريقة مريبة.
من أبرز التهم الموجهة إلى زكرياء لزرق استغلال منصبه الإداري العالي لإبرام اتفاقيات واتفاقات تجارية تتجاوز صلاحيات واختصاصات الشركة القانونية. ومن بين هذه التجاوزات الخطيرة، توقيع بروتوكول اتفاق مع أحد المقاولين حول قطعة أرض تبلغ مساحتها 47 هكتاراً، حيث تم منح هذا المقاول مبلغاً قدره 25 مليون درهم من الاعتمادات المالية المخصصة أساساً لمشاريع البنية التحتية والتجهيزات الأساسية. كما تضمنت الاتهامات توقيع اتفاقية مثيرة للجدل مع نادي المولودية الوجدية، حيث تم تسليم مبالغ مالية ضخمة تجاوزت 8 ملايين درهم كتسبيقات مالية دون وجود أي سند قانوني أو تبرير مقبول لهذه العملية المشبوهة.
هذه الفجوة المالية الهائلة والممارسات الإدارية غير القانونية فتحت الباب على مصراعيه أمام تحقيقات قضائية واسعة النطاق تهدف إلى كشف كامل تفاصيل هذه القضية المعقدة. تنتظر الأوساط القضائية والرأي العام المغربي بفارغ الصبر تفاصيل وتطورات المحاكمة القادمة، التي قد تكشف النقاب عن واحدة من أضخم الفضائح المالية والإدارية في قطاع التعمير والإسكان بالمغرب خلال العقد الأخير، مما يطرح تساؤلات جدية حول آليات الرقابة والتتبع المالي في المؤسسات العمومية.