الجهة

صيادلة الشرق مستاؤون من إصلاحات رقمنة ورقة العلاج واتفاقية “الطرف الثالث المؤمَّن له“ 

اقتصاد الشرق

أثار تعميم نظام  “الطرف الثالث المؤمَّن له ” (TPA) ومشروع رقمنة أوراق العلاج قلقًا كبيرًا لدى الصيادلة بالمغرب، لكونها تطرح تحديات رئيسية ذات طبيعة تقنية ومالية وتنظيمية.

عبرت الفيدرالية الوطنية لنقابات الصيادلة بالمغرب (FNSPM) عن استيائها بشأن إصلاحين رئيسيين يمسان قطاع الصيدلة : “الطرف الثالث المؤمَّن له ” (TPA) ورقمنة أوراق العلاج. وفي بلاغ لها، سلطت الفيدرالية الضوء على العديد من أوجه القصور والآثار السلبية لهذه التدابير وتدعو إلى مناقشة معمقة قبل تنفيذها.

رقمنة أوراق العلاج: إصلاح غير مُعد بشكل جيد

في تصريح لأورينتال إيكو، صرح خالد الشرقي، نائب رئيس الفيدرالية الوطنية لنقابات الصيادلة، أن “رقمنة أوراق العلاج سابقة لأوانها وتستدعي مناقشة قبلية وتشاورا مع الفاعلين في القطاع نظرا للإكراهات المطروحة ”. 

وأشار الشرقي إلى أن واحدة من أبرز الإشكاليات تتعلق بالأعباء الإضافية التي سيتحملها الصيادلة، حيث نبه إلى التداعيات الاقتصادية والعملية لهذا الإصلاح. وقال: “رقمنة أوراق العلاج يتطلب تجهيز جميع الصيدليات بمعدات حاسوبية متطورة وربطها بالإنترنت، مما يشكل تكلفة إضافية، خصوصا مع ضرورة أداء الاشتراكات في برامج الإدارة والصيانة”.

كما كشف عن غياب تواصل حول هذا الإصلاح من طرف الجهات المسؤولة، مما يمكن أن يشكل مخاطر تقنية واجتماعية حيث قال، “سيتعين على الصيادلة شرح طرق هذا التحول الرقمي للمرضى، مما يمثل مسؤولية إضافية. إلى جانب ذلك، قد يؤدي انقطاع الإنترنت أو الكهرباء إلى منع صرف الوصفات الرقمية، إضافة إلى إكراهات أخرى يجب التوافق حولها ومواكبة الصيادلة فيها”. 

وأكد بلاغ الفيدرالية الوطنية لنقابات الصيادلة بالمغرب على ضرورة توفير إطار تنظيمي ملائم، حيث يجب مراجعة ظهير 1922 المتعلق بالمواد السامة لتنظيم الوصفات الإلكترونية وإنشاء نظام تتبع دقيق، حيث أن إدخال نظام تسلسل للأدوية باستخدام الرموز الشريطية ضروري لضمان متابعة آمنة.

اتفاقية “الطرف الثالث المؤمَّن له“ غير فعالة وغير عادلة

عددت الفيدرالية الوطنية لنقابات الصيادلة بالمغرب الاختلالات التي جاءت في اتفاقية “الطرف الثالث المؤمَّن له“ بصيغتها الحالية، مشددة على عدم احترام العديد من البنود الأساسية. 

وجاء غياب التكوين المستمر على رأس البنود التي تطرق لها البلاغ، حيث أن المادة 11 تفرض أيام تكوينية، لم تُعقد سوى ثلاث دورات منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، مما أدى إلى نقص في التوعية وفهم النظام الجديد قبل الصيادلة.

واستنكرت الفيدرالية كذلك عدم تفعيل لجن التتبع حيث تنص المادة 12 على تشكيل لجان لضمان احترام بنود الاتفاقية والتفاعل مع شكاوى المهنيين. ومع ذلك، لم تر هذه اللجنة النور أبدا، مما شجع الممارسات الاحتيالية وخلق شعورا بالظلم بين الصيادلة.

وفي هذا السياق، شدد خالد الشرقي على ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة بخصوص إشكالية توجيه المرضى وتفعيل أحكام المادة 13 التي تهدف إلى معاقبة الممارسات التعسفية (التوجيه المفروض، المحاباة)

وقال نائب رئيس الفدرالية في هذا الصدد، أن “اتفاقية الطرف الثالث خلقت مناخًا من عدم المساواة حيث تستفيد بعض الصيدليات من امتيازات غير مبررة، خاصة من خلال إنشاء حسابات زبائن انتقائية لدى بعض المختبرات وتوجيه المرضى إلى صيدليات محددة ”. 

ودعا الشرقي، إلى تفكير معمق وتشاور حقيقي مع الهيئات المهنية قبل تنفيذ أي من هذه الإصلاحات، نظرا إلى أهمية ضمان إطار أخلاقي وعادل وعملي لمستقبل الصيدلة في المغرب

صيادلة : نرحب بالإصلاحات الجديدة شريطة مواكبة مستمرة 

 في خضم النقاش المتصاعد حول الإصلاحات، أنجزت أوريونتال إيكو استطلاعا للرأي في صفوف صيادلة بإقليم الناظور، أجمع غالبيتهم على أهمية ورش الرقمنة نظرا لفوائدها المتعددة، لكنهم عبروا من جهة أخرى عن استيائهم من غياب التشاور والمواكبة في تنزيل الإصلاحات

وقال منتصر محمد، صيدلي بأزغنغان، أن “قطاع الصيدلة يستدعي إصلاحا خصوصا مع التحولات الذي يعرفها القطاع الصحي بالمملكة وعلى وجه الخصوص تعميم التغطية الصحية، وبدورنا مستعدون لتنزيل ورش الرقمنة، غير أنه من الضروري التشاور مع المهنيين من أجل إنجاح تعميم الرقمنة على جميع الصيدليات، الشيئ الذي يستلزم توفير بنية تقنية قادرة على مواكبة التغيير”. 

ومن جهته، أعرب بنعمر ياسين، صيدلي بحي المطار بالناظور، عن تفاؤله بشأن الإصلاحات التي تسعى إلى عصرنة قطاع الصيدلة، وقال في هذا الصدد “يمكن للرقمنة أن تبسط العديد من الإجراءات وتساهم في تيسير المعاملات بالصيدليات، خصوصا فيما يتعلق بالعلاقة مع صندوق الضمان الاجتماعي، تماما كما هو الحال بالدول الأوروبية التي استغنت عن الأوراق، إلا أن الجانب التقني يستدعي مواكبة واستعدادا لجميع الإكراهات المنتظرة من أجل إنجاح العملية ”. 

في حاجة إلى حوار وطني بين جميع الفاعلين 

وأمام هذه التحديات، تناشد  الفيدرالية الوطنية لنقابات الصيادلة لإطلاق حوار وطني شامل يجمع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والهيئات المهنية وصناديق التأمين، بهدف إيجاد حلول متوازنة تحفظ مصالح كافة الأطراف وتضع الأساس لنجاح مشروع التغطية الصحية الشاملة الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس. 

وشدد الصيادلة على ضرورة أن تكفل أي اتفاقية مستقبلية الحد الأدنى من العدالة الاقتصادية، وتكافؤ الالتزامات بين جميع الأطراف المعنية، لضمان استدامة المهنة وتقديم خدمات صحية ذات جودة وآمنة للمواطنين.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button