دوار أولاد يحيى ببركان يطلق مبادرة “الدوار إنو” للتنمية القروية المستدامة

اقتصاد الشرق
في خطوة تنموية جديدة، شهد دوار أولاد يحيى بجماعة رسلان/تافوغالت في إقليم بركان، إطلاق مفهوم جديد للتنمية القروية المستدامة والمندمجة. يحمل هذا المشروع اسم “الدوار إنو Douar Ino” (قريتي)، وهو مبادرة يقودها سكان الدوار بأنفسهم لفائدة مجتمعهم المحلي، بهدف تثبيت الساكنة في المناطق الجبلية وتحريك العجلة الاقتصادية من خلال التأهيل والتشغيل.
تشرف جمعية الدار العائلية القروية بني يزناسن على هذا المفهوم التنموي الذي يستهدف تنشيط المجالات القروية والمناطق الجبلية. ويعتمد على مقاربة شاملة تجمع قطاعات حيوية مثل الفلاحة، والسياحة القروية، والمياه والغابات، والتنمية المستدامة، والبيئة، إضافة إلى التأهيل المهني. كل ذلك من خلال انخراط جماعي وتحسيس مشترك بين سكان المنطقة.
يرتكز “الدوار إنو” على مقاربة منهجية تضم حوالي اثنتي عشرة جمعية وتعاونية تعمل ضمن رؤية مشتركة واعدة بالنتائج. الهدف هو تصميم وتنفيذ وتطوير مشاريع حاملة للتنمية المستدامة لفائدة الساكنة المحلية. ويوضح عبد اللطيف العقروش من جمعية أصدقاء بني يزناسن أن المبادرة تسعى إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسية: بلورة مفهوم “الدوار إنو” كمحرك تنموي أساسي، وتطوير فلاحة مستدامة قادرة على مواجهة التغيرات المناخية، وتحقيق الكفاءة في السقي الفلاحي، وإطلاق خدمات سياحية قروية مستدامة. كل ذلك مع تنفيذ أنشطة مدرة للدخل حول المفاهيم المحددة، بالاعتماد على شراكات عامة وخاصة تعمل ضمن منصة مشتركة.
منهجية التنفيذ والتوسع
في مرحلتها الأولى، ستقتصر هذه المقاربة التنموية على مجموعة محدودة من المشاريع قبل تعميمها. وهو ما يستدعي وضع برنامج تنمية محلية قابل للتطور والقياس. بعد التحقق من نجاح المرحلة التجريبية الأولى، سيتم تعميم هذا النموذج على جماعات قروية أخرى بجهة الشرق.
انطلقت هذه الفكرة من وعي جماعي تجسد في إنشاء جمعية لمستعملي مياه السقي الفلاحي، بهدف التوعية بأهمية ترشيد استهلاك المياه في النشاط الفلاحي القروي. تلا ذلك إحداث الدار العائلية القروية على قطعة أرضية مساحتها هكتار واحد، قدمها دوار أولاد يحيى، ثم تأسيس جمعية فلاحية ثالثة لخريجي الدار الفلاحية.
في المجموع، أنشأ سكان الدوار ست جمعيات، وخمس تعاونيات، وشركة واحدة تستهدف التكوين والتعليم والتقنيات الفلاحية وتثمين المنتجات المحلية وتسويقها. أما التمويل، فيأتي من مساهمات مالية لسكان الدوار وشركائهم، خاصة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ووكالة الشرق وجمعية نور التابعة لعبد اللطيف بنعزي.
تجربة الدار العائلية القروية
يشرح محمد قديري، رئيس جمعية الدار العائلية القروية، أن فكرة المشروع انبثقت من رغبة المشرفين على الدار في تطوير مفهوم “الدوار إنو”، المستوحى من مفهوم المدينة الذكية. ويقوم على تنفيذ أنشطة مندمجة ومتكاملة تشمل الفلاحة الجبلية المستدامة، والاقتصاد التضامني، والسياحة التضامنية لخدمة القطاعات الفلاحية والغابوية الجبلية.
الدار العائلية القروية بني يزناسن هي جمعية غير ربحية تتخصص في تأهيل وإدماج الشباب، خاصة المنقطعين عن الدراسة. طورت هذه الجمعية تدريجياً مفهوماً مندمجاً لخدمة الشباب، يشمل برنامج تعلم، وتعليماً أولياً، ومرافق استقبال تتضمن الإيواء والمطعم والملاعب الرياضية، بالإضافة إلى شراكات محلية ودولية. مما جعلها نموذجاً لتكامل الأنشطة والفاعلين من القطاعين العام والخاص والجمعوي، وساهمت في تمهين واستقرار الساكنة المحلية وخلق فرص شغل ذاتية مع تنويع المهن المتاحة.
بفضل نجاح هذه التجربة، استنسخت جهة الشرق النموذج في أقاليم أخرى بدعم من المجلس الجهوي والمركز الجهوي للاستثمار. تؤكد تجربة الدار العائلية القروية بني يزناسن أن جودة خدمات الجمعيات العاملة في العالم القروي مرتبطة بالالتزام طويل الأمد، ومسار التنمية البشرية، والشراكات التدريجية بين القطاعين العام والخاص. وتُعتبر جماعة رسلان أولوية لإنجاز دراسات الجدوى وتطوير مفهوم “الدوار إنو”.
