الناظور

الناظور تستعد لاستقبال إقامات جامعية عصرية ضمن مخطط وطني لسد عجز 400 ألف سرير

اقتصاد الشرق

أطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار مبادرة غير مسبوقة لمواجهة أزمة السكن الجامعي في المغرب، من خلال نشر دعوة لإبداء الاهتمام تستهدف استقطاب المستثمرين من القطاع الخاص والمؤسساتي لبناء وإدارة الإقامات الجامعية. تأتي هذه الخطوة في سياق عجز هيكلي يقدر بأكثر من 400 ألف سرير على المستوى الوطني، يعكس حجم التحديات التي يواجهها الطلبة المغاربة في إيجاد سكن لائق قرب الجامعات.

تضع هذه المبادرة مدينة الناظور، في قلب الاستراتيجية الوطنية لتطوير البنية التحتية الجامعية. فالناظور من بين المدن التي ستشهد بناء إقامات طلابية على أراضٍ تتراوح مساحتها بين 3 و6 هكتارات، بما يتناسب مع الاحتياجات المحلية. هذا الاهتمام الحكومي بالناظور ليس وليد الصدفة، بل يأتي تجاوباً مع النمو المتسارع للقطب الجامعي بالإقليم، خاصة مع أعمال توسيع الحي الجامعي الجاري تنفيذها، بالإضافة إلى التطلعات التنموية الكبرى التي تشهدها المنطقة من مشاريع بنيوية كميناء الناظور الغربي ومشروع مارتشيكا والمنطقة الصناعية بسلوان.

تعتمد الدعوة الوزارية على صيغتين للمشاركة: إما عبر مشاريع على أراضٍ خاصة، أو من خلال استثمارات على أراضٍ عمومية تضعها الدولة رهن إشارة المستثمرين. إجمالاً، تم تحديد 24 قطعة أرضية عمومية عبر أنحاء المملكة، تتراوح بين مساحات متواضعة أقل من هكتار واحد إلى مساحات شاسعة تفوق 18 هكتاراً في طنجة أصيلة و20 هكتاراً في العرائش.

يستفيد المستثمرون المنتقون من اتفاقية احتلال مؤقت للملك العمومي لمدة 30 سنة قابلة للتجديد، إلى جانب تسهيلات في مجال التراخيص العمرانية وحوافز ضريبية. يرتكز النموذج الاقتصادي المقترح على آلية هجينة تجمع بين الإيرادات المنتظمة من إيجارات الطلبة والدعم الحكومي للمستفيدين المسجلين في السجل الاجتماعي الموحد، بما يضمن نسبة إشغال مرتفعة ويجعل الإيجارات في متناول الطلبة من الأوساط المتواضعة.

بالنسبة للناظور، تمثل هذه المبادرة فرصة ذهبية لتعزيز القدرة الاستيعابية للبنية التحتية الجامعية بالإقليم. فالأراضي المخصصة التي تتراوح بين 3 و6 هكتارات ستمكن من بناء مجمعات سكنية عصرية مجهزة بغرف فردية أو استوديوهات، وفضاءات جماعية، ومطاعم جامعية، وقاعات رياضية، مع ضمان الولوج المجاني للإنترنت. كما يلزم دفتر التحملات باحترام معايير السلامة وتوفير إمكانية الوصول للطلبة ذوي الحركية المحدودة.

تندرج هذه الاستراتيجية ضمن منطق الجهوية المتقدمة، حيث تسعى الدولة إلى تصحيح الاختلالات الترابية وتفادي التركيز المفرط للطلبة في بضع مدن كبرى. الناظور، إلى جانب تاوريرت وبني ملال والخريبكة والجديدة وسلا والعيون، ستشهد بناء إقامات على أراضٍ مُقاسة وفق الاحتياجات المحلية، مما يعكس إرادة سياسية لتقوية جاذبية المدن المتوسطة وتعزيز أقطابها الجامعية.

المراهنة واضحة: إذا نجحت العملية في استقطاب القطاع الخاص، فإنها قد تفتح الباب أمام منظومة جديدة للسكن الجامعي بالناظور وبجهة الشرق عموماً، منظومة أكثر حداثة وشمولية واستدامة. وهو ما سيساهم في إعادة رسم ملامح الحرم الجامعي المغربي بحلول أفق 2030، مع إعطاء دفعة قوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالأقاليم المستفيدة، بما فيها الناظور التي تراهن على تحويل قطبها الجامعي إلى رافعة حقيقية للتنمية الترابية المندمجة.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button