السلطات الأمنية تصادر “السفينة الشبح” بعد أشهر من الغموض في ميناء بني أنصار

اقتصاد الشرق
صادرت السلطات الأمنية المغربية رسمياً السفينة “وايت إيغل – White Eagle” الملقبة بـ”السفينة الشبح” من ميناء بني أنصار بالناظور، منهية بذلك فصلاً غامضاً استمر لأشهر طويلة وأثار تساؤلات واسعة حول طبيعة حمولتها ووجهتها الحقيقية. هذا القرار الذي جاء بعد تكهنات مكثفة حول الأنشطة المشبوهة للسفينة، يسلط الضوء على التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه موانئ المنطقة الشرقية للمملكة.
تشير المعطيات المتوفرة إلى أن السفينة انطلقت من سيراليون محملة بحوالي 6000 طن من البضائع، وكانت وجهتها المعلنة أحد الموانئ اللبنانية. لكن المسار تغير بشكل مفاجئ عندما أقدمت السفينة على إطفاء نظام التتبع البحري قرب السواحل المغربية في دجنبر الماضي، مما أثار شكوك الجهات الأمنية حول النوايا الحقيقية لهذه الرحلة البحرية.
خلال فترة رسو السفينة في ميناء بني أنصار، عاش أفراد الطاقم، ومعظمهم من الجنسية الفلبينية، في عزلة شبه تامة على متن السفينة. لم تسمح السلطات لهم بمغادرة السفينة، بينما كانت المؤن الغذائية والطبية تُنقل إليهم بشكل دوري تحت إشراف أمني مشدد. حتى زيارة السفير الفلبيني لم تحقق اختراقاً يُذكر في حل هذه الأزمة الإنسانية.
من الناحية القانونية والاقتصادية، سهّل تخلي مالك السفينة عن مسؤولياته ورفضه دفع تكاليف الرسو من إجراءات المصادرة التي نفذتها السلطات المغربية. هذا التطور يعكس إشكالية أوسع تواجهها الموانئ المغربية في التعامل مع السفن المهجورة والمشبوهة، والتي تشكل عبئاً مالياً وأمنياً على البنية التحتية البحرية للمملكة.
رغم إعلان مالك السفينة أن الحمولة تضم مستحضرات تجميل، تحدثت مصادر إعلامية عن احتمال أن تكون هذه البضائع مجرد غطاء لمواد ذات استخدام عسكري. هذه الشكوك تأتي في ظل تزايد المخاوف الدولية من شبكات تهريب الأسلحة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، خاصة تلك المتجهة نحو جماعات مسلحة في الشرق الأوسط.
تمت عملية المصادرة بتنسيق وثيق بين عناصر الأمن والدرك البحري، لكن مصير الشحنة يبقى محاطاً بالغموض. لم تكشف السلطات المغربية بعد عن نيتها في طلب المساعدة من وكالات دولية متخصصة للتحقيق في مسار السفينة وتحليل حمولتها الحقيقية.
يثير هذا الملف تساؤلات جوهرية حول قدرة الأجهزة الأمنية المغربية على مواجهة التحديات البحرية المتزايدة، خاصة في ظل الموقع الاستراتيجي للمغرب كنقطة عبور بين إفريقيا وأوروبا. كما يسلط الضوء على ضرورة تعزيز آليات المراقبة والتتبع في الموانئ المغربية لمنع استغلالها في أنشطة مشبوهة.
حتى الآن، لم تصدر السلطات المغربية أي بيان رسمي شامل يوضح نتائج التحقيقات الأولية أو الخطوات المقبلة في التعامل مع هذه القضية. هذا الصمت الرسمي يترك المجال مفتوحاً للتكهنات حول الأبعاد الحقيقية لقضية “السفينة الشبح” وتداعياتها على الأمن البحري في المنطقة الشرقية للمملكة.