استمرار عجز مخزون سدود حوض ملوية بجهة الشرق يهدد الموسم الزراعي المقبل

اقتصاد الشرق
يستمر العجز الحاد في مخزون سدود حوض ملوية بجهة الشرق، حيث وصل معدل امتلاء سدود الحوض إلى 27.4 في المائة فقط، مما يشكل تحدياً كبيراً مع اقتراب انطلاق الموسم الزراعي خلال الأسابيع المقبلة. وقد شهد حوض ملوية انخفاضاً بلغ 118.96 مليون متر مكعب، بينما سجل سد محمد الخامس، الذي يعتبر من أهم السدود بالحوض، انهياراً حاداً في مستوى المياه حيث هبطت احتياطياته من 135.44 إلى 25 مليون متر مكعب فقط، أي بخسارة 110.44 مليون متر مكعب، وتراجع معدل الامتلاء من 82.4 إلى 15 في المائة فحسب.
هذا الوضع الحرج لحوض ملوية يأتي ضمن تراجع عام تشهده المخزونات المائية للسدود والمنشآت المائية بالمملكة المغربية، حيث بلغت نسبة الملء الإجمالية حوالي 33.99 في المائة وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة التجهيز والماء يوم الجمعة، مقابل 27.56 في المائة في نهاية أغسطس من العام الماضي.
تشير هذه الأرقام إلى وجود تحسن طفيف في مستويات المياه المحتجزة بالسدود عبر الأحواض التسعة المنتشرة في أنحاء البلاد، بزيادة تقدر بحوالي 6.4 نقاط مئوية في معدلات الامتلاء. لكن عند تحليل الكميات الفعلية للمياه المحتجزة في السدود المغربية خلال الفترة الممتدة من منتصف يونيو حتى نهاية أغسطس 2025، نجد أن هناك خسارة تقارب 800 مليون متر مكعب من المياه، خاصة مع تزايد الطلب على الموارد المائية في العديد من المدن والمناطق الريفية وشبه الحضرية.
أما بالنسبة للنسبة المئوية للتراجع خلال فصل الصيف المذكور، فإنها تدل على انخفاض في المخزون المائي الوطني للسدود بمعدل 12.1 في المائة. وبحلول 25 أغسطس 2025، وصلت إجمالي احتياطيات المياه في السدود المغربية إلى 5.73 مليار متر مكعب، أي ما يعادل 34.1 في المائة من الطاقة الإجمالية. ومنذ 17 أبريل 2025، انخفضت هذه الاحتياطيات بمقدار 937.96 مليون متر مكعب، أي بنسبة 5.6 في المائة، مما يؤكد الاتجاه العام نحو تراجع الموارد المائية في المملكة.
تأثرت جميع الأحواض المائية بهذا التراجع، لكن بعضها شهد انخفاضاً أكثر حدة من غيرها. حوض سبو سجل أكبر خسارة بلغت 386.76 مليون متر مكعب، مما جعل معدل امتلائه ينخفض إلى 46.06 في المائة. وجاء حوض اللوكوس في المرتبة الثانية بتراجع قدره 206.93 مليون متر مكعب، ليصل معدل امتلائه إلى 51.11 في المائة.
أما حوض ملوية، الذي يشكل محور التركيز الرئيسي، فقد شهد انخفاضاً بلغ 118.96 مليون متر مكعب، مما أدى إلى تراجع معدل امتلائه إلى 27.4 في المائة فقط. هذا الرقم المنخفض يثير قلقاً كبيراً خاصة مع اقتراب الموسم الزراعي الجديد والحاجة المتزايدة للري. كما سجل حوض كير زيز راريس تراجعاً بمقدار 50.78 مليون متر مكعب ليصل معدل امتلائه إلى 48.8 في المائة، بينما انخفضت احتياطيات حوض درعة واد نون بـ 48.34 مليون متر مكعب ووصل معدل الامتلاء إلى 29.08 في المائة.
في المقابل، شكل حوض بورقراق الشاوية استثناءً إيجابياً بتسجيله زيادة طفيفة قدرها 8.2 مليون متر مكعب، مما رفع معدل امتلائه إلى 63.4 في المائة. أما الأحواض الأخرى فسجلت خسائر متوسطة، حيث فقد حوض أم الربيع 76.38 مليون متر مكعب، وسوس ماسة 31.19 مليون متر مكعب، وتانسيفت 26.98 مليون متر مكعب.
على مستوى السدود الفردية، شهد سد الوحدة في حوض سبو أكبر تراجع، حيث انخفضت احتياطياته من 2066.55 إلى 1724 مليون متر مكعب، أي بخسارة قدرها 342.55 مليون متر مكعب، ونزل معدل امتلائه من 58.7 إلى 48 في المائة. وسجل سد وادي المخازن في حوض اللوكوس تراجعاً من 672.86 إلى 556 مليون متر مكعب بخسارة 116.86 مليون متر مكعب، وانخفض معدل امتلائه من 100 إلى 82 في المائة.
في حوض ملوية تحديداً، شهد سد محمد الخامس انهياراً حاداً في مستوى المياه، حيث هبطت احتياطياته من 135.44 إلى 25 مليون متر مكعب فقط، أي بخسارة 110.44 مليون متر مكعب، وتراجع معدل الامتلاء من 82.4 إلى 15 في المائة فحسب. هذا الوضع الحرج يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان استمرار تزويد المنطقة بالمياه اللازمة للشرب والري.
وفي سياق متصل، أوضح مصطفى بوعزة، الكاتب العام لوكالة الحوض المائي لملوية، أن التحسن النسبي في مستويات المياه مكن من تنفيذ برامج الري الخاصة بالمدارات السقوية بمختلف أحجامها، مع تخصيص أكثر من 80 في المائة من الحصة المائية للأراضي الزراعية، وذلك تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية.
رغم هذا التحسن الملحوظ في الموارد المائية، أشار بوعزة إلى أن السدود ما زالت تواجه تحديات جمة ناتجة عن عوامل التبخر والتسربات، مما أثر سلباً على طاقتها الاستيعابية الفعلية. وأكد أن المشاريع الكبرى المخطط لها ستساهم في تعزيز البنية التحتية المائية بالجهة، حيث من المتوقع أن ترتفع الطاقة الاستيعابية الإجمالية من حوالي 800 مليون متر مكعب إلى أكثر من مليار و900 مليون متر مكعب.
تبقى الحاجة ملحة لوضع استراتيجيات طويلة المدى للتعامل مع هذا التراجع المستمر في المخزونات المائية، خاصة مع تزايد الضغط على الموارد المائية نتيجة النمو الديموغرافي والتوسع العمراني والزراعي، إضافة إلى تأثيرات التغيرات المناخية التي تزيد من حدة ندرة المياه في المنطقة.