الناظور

أزمة أسعار اللحوم في المغرب: الدجاج يحلق إلى 25 درهماً والبقر يقفز لـ95 درهماً

اقتصاد الشرق

تشهد الأسواق المغربية موجة ارتفاع حادة في أسعار البروتين الحيواني، حيث سجلت أسعار الدجاج واللحوم الحمراء مستويات قياسية جديدة تثقل كاهل المواطنين وتؤثر بشكل مباشر على قدرتهم الشرائية، وسط غياب حلول جذرية من الجهات المختصة لمواجهة هذه الأزمة المتفاقمة.

في مدينة الناظور، تجاوزت أسعار الدجاج الحي حاجز الـ 25 درهماً للكيلوغرام الواحد، محطمة بذلك توقعات المستهلكين الذين كانوا ينتظرون انخفاضاً في الأسعار مع نهاية الموسم الصيفي. هذا الارتفاع المستمر أثار استياءً واسعاً بين المواطنين الذين اعتادوا على اعتبار الدجاج من المصادر الأساسية والمتاحة للبروتين في وجباتهم اليومية.

يرجع مربو الدواجن هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار إلى الكارثة البيئية التي ضربت القطاع خلال الأشهر الماضية، حيث تسببت موجة الحر الاستثنائية التي اجتاحت المنطقة في نفوق أعداد مهولة من الدواجن. في بعض المزارع، وصلت نسبة النفوق إلى أكثر من نصف القطعان، مما أدى إلى انهيار حاد في المعروض من الدجاج في الأسواق المحلية.

هذا النقص الحاد في العرض، والذي صاحبه استمرار الطلب على مستويات مرتفعة، خلق خللاً واضحاً في التوازن السوقي دفع الأسعار نحو مستويات لم تشهدها المنطقة من قبل. المواطنون يعبرون عن قلقهم المتزايد من استمرار هذه الوضعية، خاصة في ظل عدم وجود تدخل فعال من السلطات المعنية لمعالجة الأزمة، ويؤكدون أن الدجاج يمثل عنصراً غذائياً أساسياً لا يمكن الاستغناء عنه في النظام الغذائي للأسر المغربية.

الوضع لا يقتصر على الدواجن فحسب، بل امتد ليشمل اللحوم الحمراء التي شهدت هي الأخرى ارتفاعات مقلقة خلال الأسبوع الماضي. بحسب البيانات الصادرة عن شركة الدار البيضاء للخدمات، وصلت أسعار لحم البقر في مجازر الدار البيضاء إلى حوالي 95 درهماً للكيلوغرام الواحد، فيما تراوحت أسعار لحم الغنم بين 87 و115 درهماً للكيلوغرام، وهي أسعار تعتبر مرتفعة جداً بالمقاييس المحلية.

يعزو المختصون في القطاع هذا الارتفاع المتسارع في أسعار اللحوم الحمراء إلى عدة عوامل، في مقدمتها التراجع الملحوظ في عمليات استيراد الماشية خلال الفترة الأخيرة. هذا التراجع أدى إلى انخفاض كبير في المعروض مقارنة بالفترات السابقة، مما خلق ضغطاً تصاعدياً على الأسعار في ظل استمرار الطلب على مستويات عالية.

يحذر محمد جبلي، رئيس الفيدرالية المغربية للفاعلين في قطاع المواشي، من أن الوضع قد يزداد سوءاً في الأيام المقبلة إذا لم تتراجع الحكومة عن فرض الضريبة على القيمة المضافة على المواد الغذائية الأساسية. ويشدد جبلي على أن الإبقاء على هذه الضريبة، حتى لو تم إلغاء الرسوم الجمركية، سيدفع المستوردين حتماً إلى رفع أسعارهم لتعويض هذه التكلفة الإضافية.

يوضح جبلي أن المستوردين، كأي تجار آخرين، يسعون للحصول على هامش ربح معقول، وأن فرض الضريبة على القيمة المضافة سيجبرهم على زيادة أسعار البيع بالجملة لتغطية هذه التكلفة الإضافية. ويؤكد أن القرار النهائي يبقى بيد الحكومة التي تملك سلطة الإبقاء على هذه الضريبة أو إلغائها نهائياً لتخفيف العبء عن المستهلكين.

التوقعات المستقبلية للأسعار ليست مبشرة، حيث يتنبأ خبراء القطاع بوصول أسعار لحم البقر في أسواق الجملة إلى 110 دراهم للكيلوغرام، مما يعني أن أسعار البيع بالتقسيط للمستهلكين قد تصل إلى 130 درهماً للكيلوغرام الواحد. هذه الأرقام تعكس حجم الأزمة التي تواجه المواطن المغربي في تأمين احتياجاته الأساسية من البروتين الحيواني.

أما بالنسبة للحوم المستوردة، فإن الوضع لا يبدو أفضل حالاً. لحم البقر المستورد من إسبانيا، والذي يباع حالياً بحوالي 90 درهماً في أسواق الجملة، من المتوقع أن يصل سعره إلى 120 درهماً في ظل الإجراءات الحالية. كما أن لحم البقر البرازيلي، الذي كان سعره لا يتجاوز 80 درهماً للكيلوغرام، من المرجح أن يقفز إلى 100 درهم في أسواق الجملة.

هذه الارتفاعات المتتالية في أسعار المواد الغذائية الأساسية تضع الأسر المغربية، وخاصة ذات الدخل المحدود، في مواجهة تحديات جدية لتأمين احتياجاتها الأساسية من البروتين. الوضع يتطلب تدخلاً عاجلاً من الجهات المختصة لوضع حلول جذرية تحد من هذا الارتفاع المتسارع وتحمي القدرة الشرائية للمواطنين من المزيد من التآكل.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button