فاطمة السحيمي: من جرادة إلى الناظور… حكاية نساء يصنعن التراث من روح الأرض

اقتصاد الشرق
في قلب المعرض الجهوي للصناعة التقليدية بالناظور، وفي فضاء يعج بروائح الأعشاب والزيوت الطبيعية، وقفت فاطمة السحيمي، مالكة تعاونية جبل المحصر من إقليم جرادة، تعرض بفخر ما أنتجته أنامل نساء جبال الشرق بإتقان وصبر. قدمت فاطمة من مناطق بعيدة حاملة معها عبق الأرض، وإبداع القرويات، ومجموعة من المنتوجات التقليدية التي جمعت بين الزينة والجمال، بين الديكور والنفع، لتقدمها لساكنة الناظور المتعطشين لاكتشاف التراث الحي القادم من عمق الجهة الشرقية.
فاطمة لم تكن مجرد عارضة، بل كانت صوتاً نسائياً يروي قصة مجتمع صغير من النساء اللواتي اخترن ألا يستسلمن للواقع، بل أن يحولن الحرفة إلى مورد رزق، والتراث إلى منتج يعبر الزمن نحو الحداثة. في تصريحها، أكدت أن ما تعرضه تعاونية جبل المحصر من ديكورات مفاتيح، وسجادات، ومحفظات يدوية، ومستحضرات تجميلية طبيعية، هو موروث عن الأجداد، تم الحفاظ عليه وصقله ليناسب روح العصر، دون أن يفقد جوهره وهويته.
وأضافت أن هذه الحرف، رغم أنها تواجه خطر الانقراض، إلا أنها ما زالت تُصنع يدوياً بإتقان شديد، باستخدام مواد نباتية طبيعية تشكل أساس الزيوت، والأعشاب، ومستحضرات التجميل المعروضة. وأكدت أن هذه المشاركة في المعرض المنظم من طرف غرفة الصناعة التقليدية لجهة الشرق، بشراكة مع جماعة الناظور، تشكل فرصة ذهبية لتقديم هذه المنتجات لزوار الناظور والمهتمين بالصناعة اليدوية، وللتواصل مع باقي التعاونيات والجمعيات القادمة من مختلف أنحاء المملكة.
تحدثت فاطمة أيضاً عن أهمية هذه التظاهرات في تبادل الخبرات والمعارف والتجارب، مشيرة إلى أن تعاونية جبل المحصر، بفضل الله، حازت على جوائز محلية وجهوية ووطنية، من مؤسسات حكومية كالمجمع الشريف للفوسفاط، ما يدل على جودة ما يتم إنتاجه وإيمان الجهات المعنية بأهمية هذا التراث الحي. وشددت على أن هذا الإرث الثقافي يجب الحفاظ عليه، ليس فقط لأنه جزء من الهوية المغربية، بل لأنه أيضاً مصدر رزق للنساء العاملات والمرأة القروية التي تكد يومياً لإعالة أسرتها وتربية أطفالها.
كل منتوج معروض على طاولة فاطمة يحكي قصة: قصة معاناة، وصبر، وإبداع نساء لا يكللن ولا يمللن من تطريز التراث بالنباتات، ومن تحويل البساطة إلى فن، والمواد الطبيعية إلى جمال. ومن هذا المنبر، وجهت فاطمة تحية تقدير للمرأة المغربية عموماً، وللعاملات في قطاع الصناعة التقليدية خصوصاً، خاصة أولئك المنحدرات من العالم القروي، اللواتي يثبتن كل يوم أن الجمال يمكن أن يُصنع من قلب الصعاب، ومن عمق التقاليد.
A post shared on Instagram