وجدة: توصيات الندوة الدولية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني تدعو لإحداث وزارة ومرصد وطني

Économie de l'Est
اختتمت جامعة محمد الأول بوجدة يومي 13 و14 نونبر 2025 أشغال الدورة الثانية للندوة الدولية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بمركز الندوات والمؤتمرات بكلية الطب والصيدلة. جاءت هذه الدورة في سياق عالمي يشهد تحولات جيوسياسية واستخداماً واسعاً للذكاء الاصطناعي، وخلصت إلى سبع توصيات رئيسية تهدف إلى إدماج الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في صلب التنمية الوطنية والجهوية.
شارك في الندوة ممثلون عن الجيل “زد”، وأكاديميون، ورجال دولة، وفاعلون ترابيون، وقطاعات مؤسساتية، وهيئات التعاون الدولي. تمحورت النقاشات حول دور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني كرافعة للتنمية الترابية المندمجة، إلى جانب موضوعات العمل اللائق والذكاء الاصطناعي والصحة.
الاقتصاد الاجتماعي والدولة الاجتماعية
أوصت الندوة بتعزيز الدولة الاجتماعية من خلال اعتماد مقاربة تجمع بين الحماية الشاملة والمرونة الترابية، بهدف تكييف السياسات مع الهشاشات الخاصة بكل جهة. كما دعت إلى إعادة التفكير في آليات الحماية الاجتماعية عبر أنظمة استباقية مبنية على المعطيات والذكاء الاصطناعي والمرصدات الجهوية للمخاطر الاجتماعية.
شددت التوصيات على ضرورة إدماج الاقتصاد الاجتماعي والتضامني باعتباره فاعلاً استراتيجياً قادراً على سد ثغرات السياسات العمومية في فترات اللايقين، وإرساء عقد اجتماعي ترابي يجمع بين الدولة والجماعات الترابية والاقتصاد الاجتماعي والقطاع الخاص.
من بين التوصيات أيضاً، نشر آليات لإعادة التوزيع الترابي لتقليص الفوارق المجالية في الولوج إلى الشغل والصحة والتعليم، وتنفيذ استراتيجية وطنية للشيخوخة النشطة تشمل الصحة والاستقلالية والمشاركة المواطنة والتكوين المستمر، عبر تطوير منصات رقمية واقتصاد الرعاية المحلي وتعزيز الاقتصاد الفضي.
التنمية الترابية المندمجة
أكدت الندوة على وضع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في صلب التنمية الترابية المندمجة، باعتباره الوحيد القادر على تعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي عبر التضامن والمشاركة المواطنة، ودعم العمل اللائق للجميع والشغل المحلي الكريم وخدمات القرب.
دعت التوصيات إلى تطوير استراتيجيات جهوية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني منسجمة مع برامج التنمية الترابية المندمجة والاستراتيجيات الوطنية، مع تعزيز خلق أنشطة تستجيب لحاجيات محلية محددة وخلق رأسمال اجتماعي ضروري للتماسك الترابي.
الهيكلة القانونية والمؤسساتية
شددت الندوة على ضرورة إرساء إطار قانوني شامل يعترف بتعدد أشكال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، مع آليات تنظيم ودعم. من بين المقترحات، اعتماد تعريف قانوني صريح لـ”مقاولة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني” في القانون الإطار المغربي المقبل.
أوصت الندوة بإحداث سجل وطني لهيئات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني يُدبَّر من طرف جهة مختصة، ودمقرطة صفة المنفعة العامة، وإحداث وزارة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني والمقاولات الصغيرة والمتوسطة.
كما دعت إلى تأهيل المنظومة القانونية بما يتلاءم مع المتطلبات، بما في ذلك قانون الجمعيات والتعاونيات والتعاضديات، واعتماد حكامة جديدة للقطاع، ودعم المختبرات وحاضنات الابتكار الاجتماعي داخل الجامعات والجماعات الترابية.
التمويل والمواكبة الترابية
أوصت الندوة بإدماج الابتكار الاجتماعي في التمويل العمومي وخلق أدوات مخصصة من سندات اجتماعية وصناديق ذات أثر ترابي. يمكن أن يُدبَّر هذا الصندوق بشكل مشترك من طرف الوزارة المكلفة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وصندوق الحسن الثاني، وصندوق الإيداع والتدبير، ومؤسسة “تمويلكم”، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والجهات.
دعت التوصيات إلى تكييف المالية التقليدية مع تمويلات مخصصة، وإدماج المالية التشاركية، وتطوير التمويل الأصغر والادخار التعاوني، وتجريب الأدوات الهجينة والمبتكرة، وتعزيز تفويض المرفق العام لفائدة فاعلي الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
كما أوصت بإحداث أقطاب جهوية لمواكبة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني مدمجة في المنظومات المحلية، وإحداث مجلس وطني للاقتصاد الاجتماعي والتضامني ومجالس جهوية.
البحث العلمي والبيانات
شددت الندوة على ضرورة إحداث مرصد وطني للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتطوير البحث-الفعل، وتشجيع الترافع المبني على الأدلة. كما دعت إلى تطوير ريادة الأعمال الاجتماعية المبتكرة عبر إحداث برامج للمواكبة، وتطوير مراكز بحث مخصصة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
أوصت الندوة بتعزيز الشراكات بين الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والجامعات ومراكز البحث، والاستفادة من فرص التمويل لمشاريع البحث والتنقل في إطار Horizon Europe وCOST، واقتراح ورشات داخلية بالجامعة لتوجيه إعداد مقترحات المشاريع البحثية الخاصة بالابتكار الاجتماعي والاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
التعاون الدولي والتنمية المستدامة
دعت الندوة إلى تعزيز التعاون “جنوب-شمال” في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، من خلال الابتكار الاجتماعي والتضامن الدولي والتوعية والتكوين المتبادل. أشارت إلى أن فاعلي شمال إفريقيا يتمتعون بإرث طويل من التضامنات المجتمعية التقليدية مثل الجماعة والتويزة والأنظمة.
في مجال التنمية المستدامة والإدماج المالي، أوصت الندوة بمقاربة التغيرات المناخية ضمن رؤية شمولية، مع وضع التضامن في قلب الاقتصاد، وجعل التكيف محور التنمية. كما دعت إلى تسهيل ولوج وحدات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والمقاولات الصغرى والفاعلين المحليين إلى التمويلات الخضراء وأدوات الإدماج المالي.
شددت التوصيات على تعميم التربية المالية، خاصة لدى الشباب والنساء وحاملي المشاريع في الوسط القروي، وتعزيز آليات مبتكرة كالتكنولوجيا المالية الاجتماعية والتأمينات الصغرى والادخار المجتمعي، وإنشاء مختبرات جهوية للاستشراف من أجل التفكير الجماعي في المستقبل البعيد.
يُذكر أن تنظيم الدورتين الأولى والثانية من هذا الملتقى يُظهر التزام جامعة محمد الأول الاجتماعي والمجتمعي، ودورها في إدماج الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وإدراج القضايا المجتمعية في صلب انشغالاتها، ودعم المسؤولية المجتمعية للجامعة المغربية.



Edition hebdomadaire de votre magazine



