Revue Hebdo OrientalEco Edition hebdomadaire de votre magazine
OrientalEco
Nationale

ندرة اليد العاملة الفلاحية تضرب الحقول المغربية رغم بطالة 13% وارتفاع الأجور إلى 200 درهم

Économie de l'Est

رغم تسجيل موسم فلاحي جيد لإنتاج الزيتون وتراجع أسعار زيت الزيتون، يواجه الفلاحون المغاربة مفارقة غريبة تتمثل في ندرة اليد العاملة الفلاحية، في الوقت الذي يبلغ فيه معدل البطالة بالمغرب حوالي 13 في المائة. وتكشف هذه الوضعية عن توترات هيكلية في سوق الشغل المغربي، حيث تصطدم القطاعات المحتاجة لليد العاملة غير المؤهلة بصعوبات متزايدة في التوظيف.

أثارت وفرة الإنتاج الزيتوني هذه السنة تفاؤلا كبيرا لدى الفلاحين، خاصة بعد تراجع أسعار زيت الزيتون التي وصلت العام الماضي إلى 120 درهما للتر الواحد. غير أن هذا التفاؤل يصطدم بواقع نقص اليد العاملة الفلاحية، ما يطرح تساؤلات حول التحولات الحاصلة في سوق الشغل.

مفارقة البطالة والندرة

يخفي معدل البطالة الوطني البالغ 13 في المائة، وفق آخر تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، واقعا متناقضا. فهذه الظاهرة تطال الحاصلين على شهادات أكثر من غيرهم، إذ إن واحدا من كل أربعة منهم يعاني من البطالة ويفضل الخمول على العمل في أشغال يدوية هشة. ونتيجة لذلك، تواجه القطاعات الطالبة لليد العاملة غير المؤهلة، كالفلاحة، صعوبات متزايدة في استقطاب العمال.

وعلى سبيل المثال، يعاني فلاحو إقليم قلعة السراغنة، مدينة الزيتون، من هذا النقص، حيث يجدون أنفسهم مضطرين للانتظار كل بدوره للاستفادة من فريق شباب لجني الزيتون. علاوة على ذلك، شهدت أجرة اليد العاملة ارتفاعا كبيرا، إذ انتقلت من 100 درهم يوميا إلى 200 درهم، أي بزيادة قدرها 100 في المائة، ما يمثل نسبة تتراوح بين 25 و30 في المائة من رقم المعاملات المحقق في الحقل.

إطالة مدة الدراسة والنظرة الدونية للمهن اليدوية

يعود أحد الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة إلى تغير تطلعات الجيل الجديد. فبفضل تعميم التعليم وترابية العرض التكويني، يواصل المزيد من الشباب المغاربة الدراسة الثانوية والعليا. وقد بلغ معدل التمدرس 95 في المائة، مسجلا تقدما ملحوظا منذ سنة 2000. ويحول ارتفاع المستوى التعليمي للسكان بنية الساكنة النشيطة، خالقا هجرة ديناميكية متزايدة من الساكنة النشيطة غير المؤهلة نحو الساكنة النشيطة المؤهلة.

كما أنه حتى وإن لم يفض النظام التعليمي إلى الحصول على عمل مؤهل، فإن الشاب الحاصل على شهادة لا يقبل بالالتحاق بعمل يدوي شاق دون تغطية اجتماعية وبأجر منخفض.

الهجرة: حركة مزدوجة

تلعب الهجرة اليوم دورا حاسما في ندرة اليد العاملة المتاحة، مؤثرة على مخزون القوى العاملة. ويبقى المغرب بلدا مصدرا للعمال الفلاحيين نحو أوروبا، خاصة فرنسا وإسبانيا وإيطاليا.

وقد ساهمت الهجرة السرية في تقليص عدد العمال، خاصة غير المؤهلين. وبعد الأزمة الصحية، ارتفعت محاولات العبور نحو الضفة الأخرى، والتي تنتهي إما بالنجاح أو بالموت. ووفق وزارة الداخلية، أحبطت السلطات المغربية قرابة 80 ألف محاولة عبور نحو أوروبا في 2024، أي بزيادة قدرها 4.6 في المائة مقارنة بسنة 2023.

كما تشكل اتفاقيات الهجرة الدائرية بين المغرب وأوروبا أحد مصادر نزيف اليد العاملة. وتستقطب هذه الاتفاقيات سنويا آلاف العمال الموسميين، رجالا ونساء. إذ تم تعبئة أكثر من 16 ألف عاملة في حملات توظيف مباشرة للعمل في الحقول الإسبانية في 2024، وفق المكتب الدولي للشغل.

علاوة على ذلك، منح الاتحاد الأوروبي أكثر من 188 ألف سند إقامة للمغاربة، ما يضع المغرب في المرتبة الثالثة بعد الأوكرانيين والهنود.

الهجرة من جنوب الصحراء: حل جزئي

يبقى المغرب بلد هجرة ولكن أيضا بلد استقبال. ويحتل المهاجرون من جنوب الصحراء مكانة مهمة في الاقتصاد غير المهيكل المغربي. لكنهم لا يعوضون المهاجرين المغاربة، إذ يعتبرون المغرب نقطة عبور نحو أوروبا. ونتيجة لذلك، يتواجدون في الوسطين الحضري والقروي، ويبقون متمركزين في المدن الكبرى كالدار البيضاء وطنجة.

خلاصة القول، تعاني القطاعات ذات الكثافة العالية لليد العاملة بصمت من ندرة عامل الإنتاج هذا. وينبه هذا الوضع إلى تحولات هيكلية في الساكنة النشيطة ستؤثر سلبا على الاستثمارات في قطاعات تعتبر من أكثر القطاعات خلقا للثروة بالمغرب. ومن الضروري تنفيذ سياسة عمومية متقاربة تشمل جميع الفاعلين، تهدف إلى الحفاظ على القوى العاملة عبر تطبيق مدونة الشغل التي تفرض تغطية اجتماعية وأجرا يتيح عيشا كريما.

مقالات مشابهة

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Bouton retour en haut de la page