Meet the Lead 2025: النسخة السابعة للحدث تضع الشباب في قلب التحول الاقتصادي لجهة الشرق

Economy of the East
احتضنت وجدة يومي 19 و20 دجنبر 2025 النسخة السابعة من ملتقى “Meet the Lead”، الذي نظمته مؤسسة Startup Grow تحت شعار “الجهوية المتقدمة والحكامة الترابية: نحو تنمية مستدامة وعادلة”. جمع هذا الحدث، الذي يعتبر مرجعاً وطنياً وقارياً في مجال الابتكار والتنمية الإقليمية، صناع قرار مؤسساتيين ورؤساء مقاولات وشباباً مقاولاً، إلى جانب فعاليات متنوعة شملت هاكاثون “صوت الشباب”، ويوم التوظيف، وجوائز Africa Impact Awards.
استثمارات بنيوية وتحول صناعي
خلال هذه النسخة، تم تقديم أرقام توضح حجم التحول المحقق. رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، الذي تدخل عبر الفيديو، أشار إلى حجم الاستثمارات المنجزة منذ 2003: “أكثر من 54 مليار درهم من الاستثمارات. النتائج واضحة: أكثر من 450 وحدة صناعية موزعة على الجهة، شبكة طرقية مهمة تضمن ربطاً لوجستياً، وانفتاح جوي عبر ثلاثة مطارات”.
هذا التطور لم يكن عشوائياً، بل نتيجة رؤية ربطت بين البنيات التحتية والمناطق الصناعية والربط الإقليمي. منذ 2021، تم إنشاء خمس مناطق صناعية جديدة بقيمة 260 مليون درهم، توفر للمستثمرين أكثر من 405 هكتار. سلسلة من الاتفاقيات بقيمة 27 مليار درهم تستهدف خلق 14,000 منصب شغل، بما في ذلك إنشاء أول مصنع لمعدات قطاع السيارات في الجهة، إلى جانب مشاريع في الكيمياء والتغليف وإعادة تدوير البلاستيك.
ميناء الناظور غرب المتوسط: منعطف استراتيجي
يتجه الاهتمام الآن نحو الأفق البحري، حيث يمثل ميناء الناظور غرب المتوسط محور التوقعات. رياض مزور أوضح: “بأكثر من 200 كيلومتر من الساحل، سيحول هذا المشروع الشرق إلى قطب متوسطي مهم، يربط الصناعات بالتدفقات ويجذب استثمارات بنيوية، خاصة في قطاعي الطاقة واللوجستيك”.
أنور العلوي إسماعيلي، المدير العام لـ “مغرب المقاولات الصغرى والمتوسطة”، شرح الأثر المنتظر: “الميناء يعني منظومة كاملة تتشكل حوله. هذه المنظومة تجذب استثمارات، والاستثمارات تخلق آلاف فرص الشغل. آلاف فرص الشغل تعني آلاف الفرص للشباب”.
الشباب في صلب الاهتمام
وضع ملتقى “Meet the Lead 2025” الشباب في مركز أعماله. شكّل الهاكاثون “صوت الشباب” اللحظة الأبرز لهذا الحراك الجيلي. خلال يومين، عمل شباب مشاركون على إشكاليات متعلقة بالصحة والتعليم، بإشراف خبراء ومرشدين.
حنان آيت عيسى، رئيسة مؤسسة Startup Grow، قدمت تفاصيل برنامج المواكبة: “تم تسليم شيكات للفائزين الثلاثة بالهاكاثون، وتم التوقيع على اتفاقية شراكة مع حاضنة مدينة المهن والكفاءات بالناظور لضمان متابعة الفائزين والمشاركين الآخرين”.
يتضمن برنامج المواكبة، الممتد على اثني عشر شهراً، إعداد خطط الأعمال، والوصول إلى FabLab لصنع نماذج المنتجات، والدعم في جمع التمويل. الهدف واضح: تمكين هؤلاء الشباب من إنشاء مشاريع مولدة لفرص الشغل.
بالتوازي، نظم “فضاء يوم التوظيف” لقاءات بين الباحثين عن عمل ومسؤولي الموارد البشرية في شركات قادمة من الدار البيضاء ووجدة وبركان والناظور ومدن أخرى. تضمنت الفعاليات جلسات توجيه فردية وورشات لمحاكاة المقابلات ونصائح مهنية.
الكفاءات: التحدي الأساسي
شخّص أنور العلوي إسماعيلي التحدي المركزي للسنوات المقبلة: “التحدي الأول اليوم هو تحدي الموارد البشرية والكفاءات”. تحدٍ استبقته الجهة، كما يشهد على ذلك تكاثر مؤسسات التعليم العالي في الإقليم.
أكد المدير العام: “قبل عشر أو خمس عشرة سنة، كان الشباب يضطرون للانتقال لمتابعة دراساتهم. اليوم، الجامعات والكليات والمدارس الخاصة ومدارس التجارة موجودة بقوة في الجهة”. هذا التكثيف الأكاديمي يستجيب لمنطق واضح: آلاف فرص الشغل المنتظرة في أعقاب ميناء الناظور والمناطق الصناعية الجديدة ستُشغل أولاً من الرأسمال البشري المحلي.
وجهت حنان آيت عيسى رسالة للشباب الحاضرين: “الأهم فعلاً هو ما نفعله كل يوم. قد لا نتفوق في بعض المواضيع، لكن بالالتزام والتطور في بيئة مع أشخاص ملهمين وناجحين، يمكننا التقدم”.
حماية البيانات: رافعة تنافسية
سلطت نسخة 2025 الضوء على بُعد غالباً ما يُهمل في التنمية الإقليمية: السيادة الرقمية. عمر سغروشني، رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية، أوضح الرهانات للمقاولين والمستثمرين.
قال: “اختار المغرب الرقمي”، وشرح أن هذا التوجه يتطلب إنشاء “فقاعة ثقة”: “المواطن أو المستخدم لا يمكنه التقدم في الرقمي إلا إذا كان واثقاً من أن بياناته لن تُستخدم بشكل سيئ، بل فقط لتلبية احتياجاته، وأنها ستُحترم”.
أضاف أن الامتثال للمعايير الدولية لحماية البيانات أصبح حجة قوية في التنافس الإقليمي لجذب الاستثمارات. وخلص: “للعيش رقمياً، يجب التنفس بحماية البيانات”.
الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والبعد الإفريقي
أتاح “Meet the Lead 2025” منصة لفاعلي الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. عرضت تعاونيات من الشرق والدار البيضاء الكبرى منتجاتها. تعتزم “مغرب المقاولات الصغرى والمتوسطة” مواكبة هذه البنيات نحو التصدير. أوضح أنور العلوي إسماعيلي: “التصدير ليس حكراً على الشركات الكبيرة فقط. اليوم يمكن تعميمه عبر شبكة التعاونيات”.
لأول مرة، مُنحت جوائز Africa Impact Awards في وجدة، تكريماً لمبادرات ذات أثر اجتماعي وتكنولوجي في القارة. فاز مشروع “Awochi” من ليبيريا في فئة “التعليم والشباب والإدماج الاجتماعي”، بينما حصلت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية على جائزة السيادة الرقمية.
هذا الانفتاح الإفريقي، بمشاركة متدخلين من الغابون وليبيريا وغينيا وفرنسا وإنجلترا، يعكس طموح تموقع الشرق كملتقى للتعاون جنوب-جنوب.
في ختام تدخله عن بُعد، أعاد رياض مزور وضع ديناميكية الشرق في السياق الوطني: “كل هذه الإنجازات تستجيب لتوجيهات جلالة الملك لبناء مغرب بسرعة واحدة. الجهوية المتقدمة تتيح لكل إقليم وسائل طموحه. سمحت بتحويل الخصوصيات المحلية إلى مزايا تنافسية”.
الكلمة الأخيرة ربما تعود لأنور العلوي إسماعيلي الذي صاغ المعادلة الأساسية لهذه النسخة السابعة: “السياسات العمومية موجودة لتحفيز ووضع حوافز ومواكبة. لكن التنمية الفعلية تعتمد على نساء ورجال هذه الجهة، وخاصة عليكم، الذين تمثلون الفخر والأمل”. يؤكد الشرق نفسه الآن كإقليم للمستقبل. يبقى على شبابه تحويل هذا الوعد إلى واقع.
This week's edition of your magazine



