Revue Hebdo OrientalEco This week's edition of your magazine
EconomicalEco
National

Nador at the center of a three-port strategy that rearranges logistics roles

Economy of the East

يعكف المغرب، في سياق دولي يتسم بتقلبات سلاسل التوريد وتزايد التنافس على الممرات البحرية، على بناء منظومة مينائية قائمة على ثلاثة أقطاب: طنجة المتوسط، الناظور غرب المتوسط، والداخلة الأطلسي. هذا التوجه، الذي يجمع بين موانئ قائمة وأخرى في طور الإنجاز أو البرمجة، يطرح تساؤلات حول أثر هذه الثلاثية على موقع المغرب في التجارة البحرية واللوجستيك، خاصة على مستوى البحر الأبيض المتوسط والامتداد الإفريقي.

مع استمرار ميناء طنجة المتوسط في تسجيل أداء مستقر، واقتراب افتتاح ميناء الناظور غرب المتوسط، إلى جانب المشروع المستقبلي لميناء الداخلة الأطلسي، تتشكل ملامح عرض مينائي وطني متكامل. ووفق عدد من المتابعين، فإن هذا الاختيار يندرج ضمن رؤية تروم تعزيز تموقع المملكة بين أوروبا، والضفة المتوسطية، وإفريقيا، في مرحلة تعرف إعادة ترتيب للمسارات التجارية العالمية بفعل الأزمات الجيوسياسية والاقتصادية.

الناظور غرب المتوسط… استكمال الحلقة المتوسطية

يُقدَّم ميناء الناظور غرب المتوسط بوصفه مشروعاً ذا وظيفة مزدوجة جرى تحديدها منذ إطلاقه. فالميناء موجه ليضطلع بدور ميناء عبور وإعادة شحن للحاويات، حيث تم تفويت استغلال المحطات لفائدة مشغلين دوليين، وشرعت الأشغال في مختلف مرافقه. إلى جانب ذلك، يتميز المشروع ببعد طاقي يمنحه خصوصية داخل المنظومة المينائية الوطنية.

ويُنظر إلى هذا الميناء باعتباره مكملاً للعرض المينائي القائم على الواجهة المتوسطية، إذ من المرتقب أن يساهم في توزيع الضغط على الموانئ الحالية، ويوفر قدرة إضافية لمعالجة تدفقات السلع، خاصة في ظل تزايد حجم التجارة البحرية عبر المتوسط.

ارتباط بالمجال الجهوي وتدرج في نقل التجربة

من المرتقب أن يشتغل ميناء الناظور غرب المتوسط في ارتباط وثيق مع محيطه الترابي، من خلال مشاريع صناعية ولوجستية مرافقة تروم تعزيز اندماجه في الاقتصاد الجهوي لجهة الشرق. وفي هذا الإطار، يُتوقع أن يتم استلهام بعض عناصر التجربة التي عرفها ميناء طنجة المتوسط، القائمة على الربط بين النشاط المينائي والمناطق الصناعية واللوجستية، مع تكييفها مع الخصوصيات الجغرافية والاقتصادية للمنطقة.

ويرى فاعلون في مجال تدبير الموانئ بغرب ووسط إفريقيا أن دخول ميناء الناظور غرب المتوسط الخدمة سيعزز العرض المينائي المغربي، خاصة على مستوى البحر الأبيض المتوسط، وسيدعم موقع المملكة كفاعل لوجستي إقليمي، مستفيداً من تكامل الأدوار بين الموانئ بدل تكرار الوظائف.

طنجة المتوسط… الأساس الجغرافي للتموقع البحري

يبقى ميناء طنجة المتوسط الركيزة الأساسية لهذه المنظومة، بالنظر إلى موقعه الجغرافي عند مضيق جبل طارق. هذا الموقع، الواقع عند تقاطع الطرق البحرية التي تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، منح الميناء قدرة على استقطاب حركة الملاحة دون الحاجة إلى انحراف السفن عن مساراتها الأصلية.

ويُعد مضيق جبل طارق من بين أكثر الممرات البحرية نشاطاً في العالم، إذ تعبره سنوياً حوالي 100 ألف سفينة. كما أن قرب طنجة المتوسط من الساحل الجنوبي الإسباني، على مسافة تقارب 14 كيلومتراً، شكّل عاملاً حاسماً في ترسيخ مكانته داخل الشبكة العالمية للموانئ.

استمرارية النشاط رغم الاضطرابات الدولية

ورغم التوترات الاقتصادية والجيوسياسية التي يشهدها العالم، حافظ نشاط طنجة المتوسط على وتيرته. فقد أبان الميناء عن قدرة على التكيف مع التحولات الطارئة، كما هو الحال خلال أزمة البحر الأحمر، التي فرضت على عدد من السفن المرور عبر رأس الرجاء الصالح، ما أدى إلى إطالة زمن الرحلات بنحو 12 يوماً.

في هذا السياق، واصل عدد من المشغلين الدوليين الاعتماد على طنجة المتوسط كمركز لتجميع وتوزيع حركة الملاحة، من بينهم APM وMaersk Line وCMA-CGM وEurogate وHapag-Lloyd، مستفيدين من موقعه وقدرته التشغيلية.

ثلاثية قائمة على التكامل

مع دخول ميناءي الناظور والداخلة حيز الخدمة، سيصبح المغرب متوفراً على ثلاثة موانئ كبرى تشكل معاً بنية مينائية متعددة الأقطاب. ويؤكد متابعون أن هذه المشاريع لا تقوم على منطق التنافس، بل على التكامل الوظيفي، بما يسمح بتشكيل عرض وطني موحد لخدمة التدفقات التجارية عبر المتوسط والواجهة الأطلسية وإفريقيا الغربية.

وفي ما يخص ميناء الداخلة الأطلسي، يُرتقب أن يضطلع بدور في إعادة الشحن والتوزيع على الواجهة الأطلسية، انسجاماً مع التوجهات العامة التي عبّر عنها الملك محمد السادس في عدد من خطاباته، دون الخروج عن منطق الحياد والتحليل الاقتصادي. كما يُنظر إلى هذا المشروع كرافعة لتعزيز الروابط التجارية مع بلدان إفريقيا الغربية.

من جهة أخرى، يرى فاعلون من دول إفريقيا الوسطى وجنوب الصحراء أن توفر المغرب على هذه البنية المينائية يفتح آفاق تعاون جديدة، خاصة في إطار المبادرة الأطلسية، مع التأكيد على أن الاستفادة الفعلية من هذه الفرص تظل رهينة بمدى جاهزية الاقتصادات الإقليمية للتفاعل مع هذا العرض اللوجستي المتنامي.

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى