كابل ميدوسا يحول الناظور إلى بوابة رقمية جديدة

Economy of the East
يوم الثلاثاء 16 دجنبر، احتفل مشغلا الاتصالات أورنج وإنوي معًا بإنزال الكابل البحري ميدوسا بشاطئ أركمان، على بعد 25 كيلومترًا من الناظور. ويكتسي هذا الحدث دلالة رمزية قوية، إذ يجسد بشكل ملموس مبدأ تقاسم وتوحيد البنيات التحتية المتطورة بين المشغلين، وذلك مباشرة بعد إطلاق شبكة الجيل الخامس 5G بالمغرب.
ويأتي هذا الموقع الجديد لإنزال هذا المشروع العملاق للربط البيني (عبر الناظور) ليعزز تموقع المغرب في قلب المسارات الكبرى للربط الرقمي التي تصل شمال إفريقيا بأوروبا وبالفضاء المتوسطي الواسع. ويُعد هذا المشروع أكبر نظام كابل بحري من الألياف البصرية عالية السعة على مستوى حوض البحر الأبيض المتوسط.
ويمتد الكابل على مسافة 8.700 كيلومتر، رابطًا 12 دولة على ضفتي المتوسط، عبر 18 نقطة إنزال بأوروبا وشمال إفريقيا. وبسعة إجمالية تصل إلى 20 تيرابِت في الثانية، يستجيب الكابل للطلب المتزايد على عرض النطاق الترددي، بما يعزز مرونة واستمرارية المبادلات الرقمية بين أوروبا وإفريقيا.

ولم يكن اختيار Nador محض صدفة، إذ يُعد الموقع الأكثر أمانًا وضمانًا من حيث حركة الملاحة البحرية ومستويات السلامة. كما يرتقب أن تحتضن الناظور خلال الأشهر المقبلة مشاريع استراتيجية كبرى، من بينها المحطة الغازية، وميناء الناظور غرب المتوسط (Nador West Med)، والطرق السيارة، والبنيات التحتية السككية، ومحطة مارشيكا السياحية، ما سيحوّلها إلى قطب اقتصادي محوري.
وفي هذا السياق، صرّح نورمان ألبي، المدير التنفيذي لمشروع ميدوسا، بأن «المغرب كان أول بلد يتم فيه إنزال الكابل البحري، على أن يتم تشغيله فعليًا في فبراير 2026، بعد استكمال الاختبارات والمصادقات خلال الشهرين المقبلين».
الناظور – مرسيليا
يربط الكابل حاليًا الناظور بمدينة مرسيليا مرورًا بكل من إسبانيا (برشلونة)، البرتغال (لشبونة)، إيطاليا، مالطا، اليونان، قبرص، الجزائر، تونس، ليبيا، مصر، الأردن، وسوريا.

وفي هذا الإطار، أكدت هند الفال، المديرة التجارية لأورنج المغرب، أن «الربط الدولي يشكل محورًا استراتيجيًا وفرصة لتعزيز الجاذبية الاقتصادية، والتنافسية، والمرونة الرقمية»، مضيفة أن وصول الكابل إلى الناظور يأتي بعد ثلاث سنوات من توقيع العقد الأولي مع شركة ميدوسا، مع احترام الآجال المحددة رغم تعقيدات هذا النوع من المشاريع.
من جانبه، اعتبر مهدي لحلو، المدير التقني لشركة إنوي، أن «هذا الحدث يشكل محطة بالغة الأهمية في مسار الربط الدولي للمغرب، وخطوة هيكلية لتعزيز السيادة الرقمية والمرونة». وأضاف أن «المشروع لا يمثل مبادرة معزولة، بل يعكس طموح المملكة إلى التموقع كمركز رقمي دولي».
ومن خلال هذه البنيات المتطورة، يسعى المشغلان إلى تعزيز عرضهما القيمي، وتمكين الزبناء من الولوج إلى الشبكات الدولية وإلى المنظومة الرقمية لدول حوض المتوسط.
ولا يُعد مشروع كابل ميدوسا استثمارًا معزولًا، بل يندرج، حسب أورنج المغرب، ضمن رؤية أوسع للربط الإفريقي، تشمل مستقبلاً دمج العمود الفقري Djoliba، وهو شبكة ألياف بصرية تمتد على أكثر من 20.000 كيلومتر بغرب إفريقيا.
وتجدر الإشارة إلى أن الكابلات البحرية أصبحت تلعب دورًا حاسمًا في عمل الاقتصادات والمجتمعات الرقمية (الجامعات، البحث العلمي، الشركات، التنافسية الاقتصادية…). فهي تنقل معطيات حساسة مثل البريد الإلكتروني، والتحويلات البنكية، والتحويلات المالية، وتطبيقات المراسلة، ومحتوى شبكات التواصل الاجتماعي. وتتزايد أهمية هذه الاستثمارات نظرًا لما توفره من مرونة وأمان لشبكات موزعة ومتعددة المسارات.
أربع مراحل أساسية
من بين المراحل الكبرى لوصول أطول كابل بحري في المتوسط إلى المغرب، إنزاله بشاطئ قرية أركمان بالناظور، ثم مروره عبر غرفة الربط الساحلية (Beach Manhole – BMH) التي تشكل نقطة انتقال الكابل من البحر إلى اليابسة. بعد ذلك، يتم ربطه عبر وصلة Fronthaul مؤمنة بطول 2,5 كيلومتر، تصل إلى محطة ربط الكابلات البحرية (Cable Landing Station – CLS)، وهي مركز بيانات من الجيل الأخير يضم معدات إنهاء الكابل البحري.
محطة ربط الكابلات البحرية (CLS)
من أجل استقبال الكابل وتعظيم أثره بالمغرب، قامت أورنج المغرب، في ظرف 15 شهرًا، بتصميم وبناء محطة ربط الكابلات البحرية، بشراكة مع Finatech، الفرع التكنولوجي لمجموعة FinanceCom. وتمتد هذه البنية المتطورة على مساحة 3.500 متر مربع، وتوفر قدرة معلوماتية تصل إلى 140 كيلوواط، مع ربط دولي قابل للتوسع إلى حدود 20 تيرابِت في الثانية.
وتُعد هذه المحطة، المفتوحة في وجه جميع المشغلين، أصلًا استراتيجيًا لاستضافة كابلات بحرية مستقبلية وشركاء آخرين، بما فيهم الفاعلون العالميون الكبار (Hyperscalers).
This week's edition of your magazine



