Revue Hebdo OrientalEco This week's edition of your magazine
EconomicalEco
National

بنك المغرب يتجه نحو تثبيت السعر الأساسي عند 2.25% وسط استقرار المؤشرات الاقتصادية

Economy of the East

مع اقتراب موعد اجتماع مجلس بنك المغرب المحدد في 23 شتنبر 2025، تتزايد التوقعات حول قرارات السياسة النقدية للربع الرابع من العام. وفي ظل التحليل المعمق للمؤشرات الاقتصادية الكلية المتوفرة حتى نهاية يوليوز-غشت 2025، يبدو أن الإبقاء على سعر الفائدة الأساسي عند مستوى 2.25% هو الخيار الأرجح.

يشهد المغرب حاليا مرحلة من انخفاض معدلات التضخم، حيث سجل مؤشر الأسعار عند الاستهلاك تراجعا سنويا محدودا بنسبة 0.5% في نهاية يوليوز 2025. هذا الاستقرار النسبي جاء نتيجة للارتفاع المعتدل في أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.9% والزيادة الطفيفة في أسعار المنتجات غير الغذائية بنسبة 0.2%. وعلى أساس شهري، انخفض المؤشر بنسبة 0.1%، مدفوعا بتراجع أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.5%.

خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025، ارتفع مؤشر الأسعار عند الاستهلاك بنسبة 1.2% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. كما سجل مؤشر التضخم الأساسي، الذي يستثني الأسعار المتقلبة والمنظمة، انخفاضا شهريا بنسبة 0.1% وارتفاعا سنويا بنسبة 0.9%. هذه الأرقام تعكس استمرار المرحلة الانكماشية في المغرب، حيث يبقى التضخم تحت السيطرة ودون مستويات الإنذار.

في هذا السياق، لن يكون للتراجع الفوري في أسعار الفائدة تأثير كبير على الاستهلاك، نظرا للمرونة الضعيفة تاريخيا بين السعر الأساسي والائتمان الموجه للأسر. فانخفاض بـ25 نقطة أساسية لن يؤثر فعليا على قرارات الاستهلاك والادخار، وهو ما يعكس هيكل النظام المالي المغربي المتميز بمعدل تبنك محدود ونفور المصارف من المخاطر.

تشير التوقعات الرسمية إلى نمو اقتصادي حقيقي بنسبة 4.4% في 2025، مع توقع نمو القطاع الفلاحي بنسبة 4.7% والقطاعات غير الفلاحية بنسبة 4.3%. تستند هذه الأرقام إلى توقعات إيجابية للموسم الفلاحي، خاصة في قطاعات الخضروات والزيتون والحمضيات.

الانتعاش الفلاحي لا يقتصر على الكميات فحسب، بل يؤثر على الدخل القروي وبالتالي على الطلب الداخلي. غير أن المحرك الهيكلي يبقى القطاعات غير الفلاحية، حيث تضمن الخدمات والصناعة التحويلية وقطاع البناء والأشغال العمومية، المدعوم بازدهار الاستثمارات العمومية الجارية، قاعدة صلبة للنمو.

السؤال المحوري لا يتعلق بالنمو في حد ذاته، بل بجودته. فالاعتماد المستمر على الدورة الفلاحية يذكر بأن الاستثمار الإنتاجي الخاص يبقى خجولا، وأن ترسيخ النمو يعتمد إلى حد كبير على الاستثمارات العمومية، والتي تبقى في النهاية ممولة أساسا بالدين. وهنا تلعب السياسة النقدية دورا ثانويا، فهي لا تخلق النمو بل ترافقه.

شهد سوق العمل في الفصل الثاني من 2025 تحسنا محدودا جدا، مع خلق صاف لـ5000 إلى 6000 منصب عمل فقط مقارنة بنفس الفترة من 2024. دفعت هذه الديناميكية بخلق 113000 منصب في الوسط الحضري، مقابل فقدان 107000 منصب في الوسط القروي.

فقد قطاع الفلاحة والغابات والصيد 108000 منصب عمل، بينما خلق قطاع البناء والأشغال العمومية 74000 منصب، والخدمات 35000 منصب، والصناعة 2000 منصب. تسلط هذه التركيبة الضوء على انتعاش مركز في القطاعات غير الفلاحية، وخاصة الأنشطة الحضرية.

حسب النوع، تقدمت العمالة المأجورة بـ132000 منصب، معوضة جزئيا فقدان 126000 منصب عمل غير مأجور. استقر معدل البطالة عند 12.8%، منخفضا بـ0.3 نقطة على أساس سنوي. تبلغ البطالة 35.8% بين الشباب من 15 إلى 24 سنة، و19% بين الخريجين، و19.9% بين النساء.

تفاقم النقص في التشغيل بشكل واضح، حيث انتقل عدد المعنيين من 1.042.000 إلى 1.147.000، أي بمعدل 10.6% مقابل 9.6% قبل سنة. تظهر الصورة الإجمالية سوقا للعمل لا يزال متوترا، حيث لا تكفي عمليات خلق المناصب في الوسط الحضري لتعويض الخسائر في المناطق القروية، كما أن جودة فرص العمل تتقدم ببطء شديد.

من ناحية التداعيات على السياسة النقدية، وفي مثل هذه الظروف، يمكن التفكير في تخفيف السعر الأساسي. لكن هيكل سوق العمل يملي واقعا آخر، حيث تبقى مرونة العمالة للسياسة النقدية محدودة. تُظهر البيانات التاريخية ارتباطا ضعيفا بين مخزون العمالة وتدفق الائتمانات للشركات غير المالية الخاصة، حتى مع فترات زمنية متفاوتة.

تخفيض السعر الأساسي لا يحل مشكلة البطالة الهيكلية، التي تتطلب سياسة مالية واستثمارا قطاعيا. تُظهر أوضاع أعباء وموارد الخزينة لشهر غشت، الصادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية، عجزا في الميزانية قدره 59.8 مليار درهم، بارتفاع 48.1% مقارنة بنفس الفترة في 2024، مما يعكس نموا في النفقات أسرع من نمو الإيرادات.

في التفاصيل، تقدمت الإيرادات العادية بنسبة 13.2% على أساس سنوي لتصل إلى 257.8 مليار درهم، مدفوعة بالارتفاع القوي للإيرادات الضريبية بنسبة 15.1%، خاصة الضريبة على الدخل التي ارتفعت بـ18.3% والضريبة على الشركات بارتفاع كبير قدره 31.3%.

في المقابل، استقرت الإيرادات غير الضريبية عند 30.2 مليار درهم، بارتفاع 2.2%، بفضل مساهمات المؤسسات والشركات العمومية، لكنها تأثرت بتراجع التمويلات المبتكرة. من جانب النفقات، نمت الأعباء العادية بنسبة 14.5% تحت التأثير المشترك لازدياد نفقات السلع والخدمات بـ18.4% وأعباء فوائد الدين بـ18.8%. بلغت نفقات الاستثمار 67.9 مليار درهم، بارتفاع 3.7%.

تجدر الإشارة إلى أن السياسة المالية تلعب الدور المضاد للدورة الذي لا تستطيع السياسة النقدية تحمله وحدها، لكنها تفعل ذلك على حساب احتياج متنام للتمويل. يُغطى هذا الاحتياج أساسا من السوق الداخلي، مما يمارس ضغطا على الادخار الوطني وتكلفة التمويل.

يكشف تحليل الإحصائيات النقدية لبنك المغرب في نهاية يوليوز 2025 عن تباطؤ في وتيرة تقدم الائتمان المصرفي للقطاع غير المالي، حيث استقر نموه عند 3.4% على أساس سنوي. في التفصيل، تكاد ائتمانات الشركات غير المالية الخاصة تراوح مكانها، مسجلة تقدما متواضعا بنسبة 1.2% سنويا. في المقابل، تتسارع القروض للأسر قليلا، بارتفاع 2.9%.

حسب الغرض الاقتصادي، تتقدم ائتمانات التجهيز بقوة بنسبة 15.2%. سجلت القروض العقارية ارتفاعا محتشما بنسبة 3.4%، بينما تسارعت قروض الاستهلاك إلى 3.9%. على الصعيد النقدي، بلغت الكتلة النقدية م3 مستوى 1970.3 مليار درهم، بتقدم سنوي قدره 7.7%. يعكس هذا التطور توسع الودائع تحت الطلب بـ11.2% سنويا وارتفاع التداول النقدي بـ8.7%.

تواصل الميزان التجاري في نهاية يوليوز 2025 تدهوره، مع عجز يرتفع إلى 194.9 مليار درهم، بتفاقم 15.9% مقارنة بنفس الفترة من 2024. ينجم هذا التطور عن تقدم قوي للواردات بنسبة 8.8%، لتبلغ 469.7 مليار درهم، مقابل ارتفاع متواضع للصادرات بـ4.2%، إلى 274.8 مليار درهم. يفقد معدل التغطية بذلك 2.6 نقطة، مما يعكس ضعفا نسبيا في قدرة الصادرات على تعويض فاتورة الواردات.

من جانب الواردات، الارتفاع ملحوظ بشكل خاص في المنتجات النهائية للتجهيز ومنتجات الاستهلاك النهائية، مما يعكس استمرار الطلب الداخلي وأيضا اعتمادا قويا على المدخلات والسلع المعمرة الأجنبية. في المقابل، تتراجع الفاتورة الطاقية بنسبة 6.1%، خاصة بفضل انخفاض مشتريات الديزل والوقود بـ14.2% تحت تأثير الأسعار.

الصادرات من جهتها تتقدم إجماليا لكن بشكل متباين. تقفز صادرات الفوسفاط ومشتقاته بنسبة 20.9%، مستفيدة من طلب قوي، بينما تتراجع صادرات السيارات بـ1.8% وصادرات النسيج بـ3.3%، علامة على هشاشة قطاعية.

في هذا السياق، يلعب رصيد الخدمات دورا حاسما كمثبت، حيث يُظهر فائضا متزايدا بنسبة 10.8%، ليبلغ 82.1 مليار درهم، مدعوما بإيرادات سياحية ديناميكية تتقدم بـ12.6% إلى 67.1 مليار درهم. في المقابل، تتراجع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج قليلا بـ1%، إلى 68.8 مليار درهم.

تؤكد الاستثمارات الأجنبية المباشرة اتجاها إيجابيا مع تقدم التدفق الصافي بنسبة 25.6%، ليبلغ 16.9 مليار درهم في نهاية يوليوز 2025.

في ضوء لوحة المؤشرات الاقتصادية الكلية المحدثة حتى نهاية يوليوز-غشت 2025، يبقى السيناريو الأرجح هو الإبقاء على السعر الأساسي عند مستوى 2.25%. عند هذا المستوى، تكون السياسة النقدية لبنك المغرب تيسيرية بالفعل، حيث تدعم النشاط دون توليد ضغوط تضخمية وتحافظ على هامش مناورة في حالة الصدمات.

في اقتصاد مثل اقتصادنا، حيث تبقى مرونة الطلب لتكلفة الائتمان ضعيفة هيكليا، فإن تيسيرا إضافيا بـ25 نقطة أساسية، رغم أنه ممكن وبلا خطر فوري، لن يكون له سوى تأثير هامشي على الاستهلاك والاستثمار الخاص.

تقع السياسة النقدية إذن عند مستوى مناسب، محافظة على طابع تيسيري مع ترك الدور المحرك للظرفية الاقتصادية للسياسة المالية والاستثمار.

مقالات مشابهة

اترك تعليقاً

Your email address will not be published. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى