Revue Hebdo OrientalEco نسخة الأسبوع من مجلتكم
الإقتصادية OrientalEco
الناظور

كواليس نظام الربط البحري بالألياف البصرية بسواحل الناظور

اقتصاد الشرق

شهد إقليم الناظور، خلال شهر دجنبر، إنزال كابل بحري جديد بالألياف البصرية على مستوى شاطئ قرية أركمان، في إطار مشروع الربط المتوسطي المعروف باسم «ميدوزا». ويأتي هذا التطور نتيجة تعاون بين مشغلي الاتصالات إنوي وأورنج المغرب، بهدف توفير مسار إضافي للربط الدولي نحو أوروبا وتعزيز مرونة البنية التحتية الوطنية للاتصالات.

أعلن المشغلان، يوم أمس الثلاثاء 16 دجنبر 2025، عن استكمال عملية إنزال الكابل البحري بإقليم الناظور، في خطوة تندرج ضمن توجه عام يروم تنويع منافذ الربط الخارجي للمملكة. ويعكس هذا الاختيار توجهاً تقنياً يأخذ بعين الاعتبار التحولات المتسارعة في الطلب على الربط عالي الصبيب وتزايد تدفقات البيانات الرقمية.

معطيات تقنية حول نظام الكابل البحري

يمتد نظام الكابل البحري بالألياف البصرية على طول إجمالي يبلغ 8.760 كيلومتراً، ويربط 11 دولة عبر 18 محطة إنزال، ضمن شبكة تمتد من البرتغال إلى مصر. وقد تم إنجاز هذا النظام بشراكة مع شركة متخصصة في الكوابل البحرية، ليشكل مساراً إضافياً ضمن منظومة الربط في البحر الأبيض المتوسط.

بالنسبة للجزء المغربي، يعتمد المشروع على وصلة بحرية مباشرة عالية الصبيب تربط الناظور بمدينة مرسيليا الفرنسية، على مسافة تقدر بـ1.416 كيلومتراً، وبسعة تقنية يمكن أن تصل إلى 24 تيرابت في الثانية. ويُنتظر أن تسهم هذه الوصلة في تعزيز التكرارية داخل الشبكة الوطنية وتحسين موثوقية الاتصالات الدولية، خاصة في ظل النمو المتزايد لاستخدامات الإنترنت والخدمات الرقمية. وقد جرى إنزال الكابل يوم 16 دجنبر 2025، على أن يتم تشغيل النظام بشكل كامل خلال سنة 2026.

مراحل الإعداد والتنفيذ

تعود انطلاقة هذا المشروع إلى سنة 2020، حيث مرت عملية الإنجاز بعدة مراحل تقنية متدرجة. وقد أوضح داميان برتران، المدير التنفيذي للعمليات لدى الجهة المشرفة على النظام، أن تطوير كابل بحري في حوض المتوسط يقتضي أولاً إنجاز دراسة مكتبية لتحديد نقاط الإنزال والمسارات المحتملة.

وتلت هذه المرحلة دراسة دقيقة لمسار الكابل في قاع البحر، بهدف تكييفه مع التضاريس البحرية وتفادي العوائق الطبيعية أو المناطق البيئية الحساسة. وبعد التحقق الميداني من المسار عبر سفن متخصصة، انطلقت مرحلة تصنيع الكابل وفق مواصفات تقنية مختلفة حسب العمق وطبيعة المخاطر، وهي العملية التي تولتها شركة أوروبية متخصصة. أما مرحلة المد والتركيب في قاع البحر، فقد أُنجزت بالفعل بالنسبة للمقاطع التي تهم المغرب وفرنسا وتونس.

من قاع البحر إلى الشبكة الأرضية

عند اقتراب الكابل من السواحل، يُدفن على عمق يقارب 100 متر لتفادي الأضرار المحتملة الناتجة عن أنشطة الصيد أو مراسي السفن. ويصل الكابل بعد ذلك إلى اليابسة عبر غرفة ربط شاطئية خرسانية (Beach Manhole) تقع بشاطئ قرية أركمان.

ومن هذه النقطة، ينتقل عبر مسار أرضي مؤمَّن بطول 2.5 كيلومتر، يعتمد بنية حلَقية بمسارين مستقلين، رئيسي واحتياطي، بما يضمن استمرارية الخدمة في حال حدوث أي عطب. ويقود هذا المسار إلى محطة إنزال الكابل، التي تمثل نقطة الربط بين البنية البحرية وشبكات الاتصالات الأرضية.

محطة إنزال الناظور والبنية التحتية المصاحبة

أُنجزت محطة إنزال الكابل بالناظور من طرف أورنج المغرب، بصفتها فاعلاً في مجال هندسة البنيات التحتية للاتصالات. وقد أوضح محمد بنعلي، المدير التنفيذي للتكنولوجيا والمعلومات بالشركة، أن هذه المحطة تُعد أول محطة إنزال بالمملكة تعتمد نموذج الولوج المفتوح، ما يسمح باستقبال كوابل بحرية أخرى مستقبلاً وفتحها أمام مختلف المشغلين.

تبلغ المساحة الإجمالية للمحطة 3.500 متر مربع، منها 465 متراً مربعاً مخصصة للمرافق التقنية. وتتوفر على قدرة معلوماتية أولية تصل إلى 140 كيلوواط، مع قابلية التوسعة إلى 5 ميغاواط حسب تطور الحاجيات التقنية. كما حصلت المحطة على شهادة Uptime Tier III Design، وتستفيد من منظومة كهرباء مزدوجة تشمل خطي تغذية متوسطَي الجهد، ومحولات مستقلة، ومولدات كهربائية تعمل بنظام تشغيل تلقائي، مدعومة بوحدات عدم انقطاع التيار وبطاريات تضمن استقلالية تفوق 20 دقيقة.

الكفاءة الطاقية والاعتبارات البيئية

أُدرجت الكفاءة الطاقية ضمن تصميم محطة الإنزال، حيث جُهز سقفها بـ144 لوحة شمسية بقدرة إجمالية تبلغ 80 كيلوواط ذروة، تساهم بنحو 18 في المائة من الاستهلاك الطاقي الإجمالي عند التشغيل الكامل. كما سُجل مؤشر نجاعة طاقية PUE في حدود 1.3، وهو مستوى يعكس تحكماً في استهلاك الطاقة مقارنة بالمعايير المعتمدة في مراكز البيانات.

جهة الشرق ضمن منظومة الربط الدولي

يعكس اختيار الناظور، وتحديداً المقطع الممتد بين الناظور والسعيدية، نتائج دراسات طبوغرافية أظهرت ملاءمته من حيث شروط السلامة والتنوع الجغرافي. ويأتي هذا الخيار في سياق توجه يرمي إلى تقليص الاعتماد على الواجهة الأطلسية أو مضيق جبل طارق فقط في الربط الدولي.

ويُشير القائمون على المشروع إلى أن متوسط مدة إصلاح أعطال الكوابل البحرية في البحر الأبيض المتوسط يبلغ نحو 14 يوماً، ما يجعل تنويع المسارات عاملاً أساسياً لضمان استمرارية الخدمة. ومع عمر تشغيلي يُقدَّر بـ25 سنة، يُنتظر أن يسهم هذا الكابل، إلى جانب محطة إنزال الناظور، في تعزيز ولوج المملكة إلى السعات الدولية بشكل مستدام، مع إدماج جهة الشرق ضمن شبكة الربط الرقمي المتوسطي.

مقالات مشابهة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر العودة إلى الأعلى