افتتاح فضاء متحفي لتثمين التراث الأركيولوجي والطبيعي بوجدة

اقتصاد الشرق
افتتح مركز جديد للحفاظ على التراث الأركيولوجي والطبيعي بوجدة، ليشكل إضافة نوعية للبنية الثقافية والعلمية بالجهة الشرقية. يقع المركز في قلب المدينة، مقابل ثانوية عمر بن عبد العزيز والمتحف التربوي، ويحتضن مجموعة من الاكتشافات الأثرية التي تعكس عمق التاريخ الإنساني بالمنطقة.
بناية تاريخية تحتضن الذاكرة الجماعية
استقر المركز في مدرسة شاركو القديمة (ثم الغزالي لاحقا)، وهي بناية تتميز بأقواسها ذات الطابع المعماري المغربي. تمنح هذه الهندسة المعمارية والموقع المركزي للمبنى بعدا رمزيا يعزز مكانة المركز كفضاء لإحياء الذاكرة ونشر المعرفة العلمية حول التراث المغربي.
“يتعلق الأمر ببنية متحفية حقيقية مخصصة لتثمين التاريخ الأركيولوجي والتراث الجيولوجي للمنطقة”، توضح صوفيا خيار، المكلفة بتسيير المركز. وأضافت رشيدة داني، أستاذة، أن “المتحف يتيح برمجة زيارات تربوية للتلاميذ، ولقاء المتخصصين والباحثين الجامعيين يسمح للأطفال باكتشاف الأهمية التاريخية لبلدهم”.
مسار علمي بدأ من الجامعة
انطلقت فكرة إنشاء المركز سنة 2012 بكلية العلوم بجامعة محمد الأول بوجدة، بمبادرة من الأستاذ حسن أوراغ، الذي أسس متحفا جامعيا للآثار والتراث لجمع نتائج أبحاثه وفريقه من أساتذة باحثين وطلبة مغاربة وأجانب.
يندرج هذا العمل ضمن مشروع تعاون دولي بين جامعة محمد الأول والمعهد الكتالوني للبيئة القديمة والاجتماع الإنساني بطراغونة في إسبانيا، شراكة انطلقت منذ 2006 ولا تزال مستمرة. يساهم هذا التعاون في تحقيق اكتشافات جديدة وتحديد تواريخ دقيقة للكنوز الأثرية المكتشفة.

اكتشافات تعيد رسم الماضي
خلال السنوات الأخيرة، كشفت عمليات التنقيب الجيولوجية والأركيولوجية التي قادها باحثون مغاربة ودوليون في منطقة عين بني مطهر عن اكتشافات مهمة. عُثر على جماجم وقرون عظمية كاملة لحيوانات ضخمة تعود للعصر الرباعي، كانت تعيش في غابة كثيفة بحوض عين بني مطهر-كفيت.
تشكل هذه الحيوانات الضخمة، المحفوظة بحالة جيدة، إضافة لم يسبق الإبلاغ عنها في الشرق. ستثري هذه الأنواع المعرفة بالحيوانات المغاربية وتسمح بإعادة تكوين النظم البيئية التي عاش فيها الإنسان ما قبل التاريخ بالمنطقة، والذي ترك آثار حضارات عديدة.
أدوات حجرية تشهد على الحضور البشري
يعرض المركز أيضا أدوات حجرية تعكس أولى مهارات الإنسان في صناعة الأدوات، وهي دلائل مادية على ولادة التفكير المفاهيمي والبعد الثقافي. تعود هذه المؤشرات الأولى على الذكاء والمعرفة لدى الإنسان إلى عصور ما قبل التاريخ، وتجعل من الشرق منطقة شهدت وجود البشر منذ 15 ألف سنة.
يمثل هذا المركز رافدا للتنمية الثقافية والسياحية والاقتصادية بالجهة، إذ يعزز الجاذبية العلمية للمنطقة ويوفر فضاء تربويا للأجيال الجديدة لاكتشاف جذورها التاريخية.
نسخة الأسبوع من مجلتكم



