وجدة تستثمر 1.55 مليار درهم في نقلة حضرية شاملة تشمل 19 مشروعاً
اقتصاد الشرق
تشهد مدينة وجدة نقلة تنموية كبرى من خلال إطلاق برنامج طموح للتأهيل الحضري بكلفة إجمالية تبلغ مليار وخمسمائة وخمسين مليون درهم. هذا المشروع الاستراتيجي الذي يضم تسعة عشر مشروعاً متنوعاً، يأتي ضمن رؤية شاملة وضعها الخطيب الهبيل، والي الجهة الشرقية وعامل عمالة وجدة أنجاد، لتحويل العاصمة الجهوية إلى نموذج حضري متطور يواكب التطلعات التنموية للمنطقة.
تركز أولويات هذا البرنامج التنموي على عدة محاور أساسية تشمل إعادة تهيئة وسط المدينة، وتعزيز مبادئ التنمية المستدامة، وتطوير المرافق الرياضية والثقافية، بالإضافة إلى تحسين سيولة التنقل والمواصلات داخل النسيج الحضري. هذا التوجه الشامل يعكس فهماً عميقاً لاحتياجات المدينة وتطلعات سكانها نحو بيئة حضرية أفضل.
يستهدف المشروع في مرحلته الأولى تقوية البنيات التحتية الأساسية ومعالجة النقص الحضري المتراكم عبر السنوات. تشمل هذه المرحلة تهيئة وصيانة شبكة الطرق في عدد من الجادات الرئيسية بكلفة تقدر بخمسة عشر مليوناً وأربعمائة ألف درهم، مما سيساهم في تحسين جودة البنية التحتية للنقل وتسهيل حركة المرور في المحاور الحيوية.
كما يتضمن البرنامج أعمال تأهيل وتطوير الساحات العمومية المهمة في المدينة، حيث ستستفيد ساحتا باب سيدي عبد الوهاب وجدة من مشروع تحديث شامل بكلفة تقارب ثلاثة عشر مليوناً ومائة ألف درهم. بالإضافة إلى ذلك، ستخضع ساحة المغرب وشارع الهجرة لأعمال تأهيل نوعية تتطلب استثماراً قدره ستة ملايين درهم، فيما ستحصل ساحة الأمير مولاي الحسن على تدخلات تطويرية بقيمة مليونين وثمانمائة ألف درهم.
لا يقتصر المشروع على تطوير الطرق والساحات، بل يمتد ليشمل الاهتمام بالمساحات الخضراء التي تعد رئة المدينة الطبيعية. تجري حالياً أعمال تهيئة المحاور الرئيسية بكلفة واحد وعشرين مليون درهم، إلى جانب مشروع زراعة وري المساحات الخضراء والساحات الصغيرة المرتبطة بها بقيمة اثني عشر مليون درهم، مما يعزز من المشهد البيئي والجمالي للمدينة.
تحظى الحدائق الرمزية في وجدة باهتمام خاص ضمن هذا البرنامج، حيث تشهد حديقتا لالا مريم ولالا عائشة أعمال ترميم شاملة للأحواض وتجديد المزروعات بكلفة أربعة ملايين وخمسمائة ألف درهم. هذا الاستثمار في الحدائق العمومية يهدف إلى توفير مساحات ترفيهية عالية الجودة للمواطنين وزوار المدينة.
يشمل التطوير أيضاً المرافق الرياضية المائية، حيث ستستفيد المسبح البلدي الواقع في حديقة لالا عائشة من مشروع تأهيل شامل بقيمة ثلاثة عشر مليوناً وأربعمائة ألف درهم. هذا المشروع يتضمن تطوير الأحواض والمعدات التقنية وغرف تغيير الملابس والمرافق التابعة، ومن المتوقع أن يصبح المسبح جاهزاً للاستخدام مع حلول فصل الصيف المقبل.
يحتل جادة محمد الخامس الشهيرة، الممتدة من ساحة 9 يوليوز إلى ساحة جسر الحي الصناعي، مكانة مميزة في هذا المشروع التطويري. ستشهد هذه الجادة التاريخية تعزيزاً شاملاً لطبقة الإسفلت، وتنفيذ أعمال تأهيل جميع الساحات العمومية المجاورة والدوارات، بالإضافة إلى تجديد منظومة الإنارة العمومية مع تعميم استخدام المصابيح البيئية منخفضة الاستهلاك، وكل ذلك بكلفة أربعة وعشرين مليون درهم.
رغم هذا الاستثمار الكبير في جادة محمد الخامس، يرى عدد من الفاعلين الجمعويين في المدينة أن هذا الجهد لا يزال غير كافٍ نظراً للأهمية التاريخية والعاطفية التي تحملها هذه الجادة. هؤلاء الفاعلون يؤكدون على أن هذه الجادة الأيقونية تتمتع بموقع معماري وحضري مركزي يستحق استثماراً أكبر للاستفادة من إمكانياتها كاملة.
في هذا السياق، يوضح زهر الدين الطيبي، الأستاذ الجامعي والمتخصص في الشؤون الحضرية، أنه رغم أن الموارد المالية المخصصة لعاصمة الجهة الشرقية لا تلبي جميع التطلعات والاحتياجات، إلا أنه يجب الاعتراف بأن هذا المشروع يمثل قفزة كبيرة إلى الأمام لاستعادة بريق المدينة الذي خفت على مدى السنوات الماضية.
يتضمن البرنامج أيضاً مشاريع بنية تحتية أساسية أخرى، منها إنجاز الجزء الجنوبي من الطريق الدائرية لوجدة بكلفة ستة وثلاثين مليوناً وستمائة ألف درهم، وبناء منشأة هندسية على واد النشف عند مستوى ملعب ديدي بقيمة عشرة ملايين وستمائة ألف درهم. كما تشمل الأعمال تعميم اللافتات الأفقية للطرق بكلفة خمسة ملايين وأربعمائة ألف درهم.
حصلت المدينة مؤخراً على عقد مهم لتحديث وتجديد منظومة الإنارة العمومية، والذي تموله الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع التابعة لمجلس جهة الشرق بمبلغ تسعين مليون درهم. يهدف هذا المشروع إلى تحديث إضاءة المدينة من خلال تعميم استخدام مصابيح الليد، وتجديد الكابلات الكهربائية، وتغيير أجهزة الإضاءة مع إعادة طلاء أعمدة الإنارة. من المتوقع أن يستغرق تنفيذ هذا العقد عامين كاملين.
يشمل المشروع التطويري أيضاً تطبيق نظام المراقبة بالفيديو في شوارع وجدة الرئيسية والساحات العمومية. هذا النظام القابل للتوسيع يهدف إلى ضمان إطار أمني محكم، وتحقيق استجابة فعالة للطوارئ الطبية والمستشفيات، وسرعة التدخل المثلى في حالات الكوارث الطبيعية، بالإضافة إلى تعزيز سيولة حركة المرور في المدينة.
تواجه وجدة تحديات متعددة في مجال النقل والمواصلات بسبب ضيق العديد من الشوارع الرئيسية، ولذلك فإن اللجوء إلى نظام المراقبة الحضرية بالفيديو يمكن أن يخفف الضغط خلال أوقات الذروة المرورية. الاختناقات المرورية التي شهدتها المدينة خلال فصل الصيف الماضي تتطلب استخدام مؤشرات رقمية لتقليل التأثيرات السلبية للازدحام في نقاط معينة وخاصة عند الدوارات المرورية.
في إطار التنمية المستدامة، ستشهد المدينة تطبيقاً شاملاً لنظام إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة لأغراض الري والسقي. يوجد مشروع ضخم لإعادة استخدام مياه محطة معالجة المياه العادمة في وجدة في مراحل متقدمة من التنفيذ. سيقوم مجرى مائي جديد بنقل هذه المياه إلى محطة توزيع في سيدي معافة، وهي أعلى نقطة في المدينة بارتفاع ثمانمائة وأربعة وعشرين متراً، مما يسهل التدفق الطبيعي للمياه لري غابات سيدي معافا والكولونج، والحدائق المختلفة في المدينة، والمساحات الخضراء المطورة.
هذا المشروع البيئي الذي يمتد على طول خمسة عشر كيلومتراً مع محطات رفع وضخ للتحكم في توزيع المياه، تشرف على تنفيذه الشركة الجهوية متعددة الخدمات للشرق، ويتطلب ميزانية قدرها مائتان وعشرون مليون درهم. في نفس السياق، يجري تنفيذ برنامج آخر لحماية مطار وجدة أنجاد والمناطق المجاورة من مخاطر الفيضانات، وذلك من خلال إنشاء قناة تحيط بكامل هذه المنطقة الحيوية.
نسخة الأسبوع من مجلتكم



