كيف أصبحت صوناصيد فاعلاً رئيسياً في التحول الصناعي للمملكة؟

اقتصاد الشرق
أكدت شركة صوناصيد، الرائدة في الصناعة المعدنية بالمغرب، مكانتها كالـ نموذج الصناعي الدائري في المملكة، بفضل استراتيجيتها الطموحة نحو إنتاج الصلب منخفض الكربون. وقد اعتبر إسماعيل عقلاي، المدير العام للشركة، أن الانتقال نحو إزالة الكربون أصبح رافعة أساسية للقدرة التنافسية والابتكار في القطاع. ويشكل هذا التوجه استجابة لمتطلبات التحول الصناعي للمملكة، ويرسخ مكانة الشركة كلاعب أساسي في دعم الأوراش الوطنية الكبرى.
الاستراتيجية الخضراء: تنافسية قائمة على تدوير الخردة والطاقة المتجددة
تعتمد صوناصيد نموذج إنتاج يعتمد بالكامل (100%) على إعادة تدوير الخردة. هذا الاعتماد على المواد المعاد تدويرها يُغذَّى بأكثر من 90% بالطاقات المتجددة. ويؤكد هذا النموذج الاقتصادي أن الصناعة منخفضة الكربون تشكل فرصة حقيقية لبناء نمو مستدام وقادر على خلق قيمة مضافة للنظام البيئي بأكمله. وقد أدت هذه الجهود إلى تجنب انبعاث ما يقرب من 1.1 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون CO² سنوياً، مع تعزيز القدرة التنافسية للشركة.
ويختلف نموذج صوناصيد بشكل جوهري عن عملية إنتاج الصلب العالمية، حيث إن أكثر من 70% من الإنتاج العالمي للصلب لا يزال يتم في الأفران العالية التي تعتمد بشكل أساسي على خام الحديد والفحم، وهي عمليات تُطلق كميات كبيرة من الغازات الدفيئة. في المقابل، يتيح استخدام خردة الحديد كمادة أولية لصوناصيد الحد من استخراج موارد جديدة، وتحقيق وفورات كبيرة في الطاقة؛ إذ تتجنب كل طن من الخردة المعاد تدويرها استخدام حوالي 1.4 طن من خام الحديد و 0.7 طن من الفحم. كما تضمن الشركة إعادة تدوير وتثمين المنتجات المشتركة الناتجة عن أنشطتها، وتحويل نفاياتها الصناعية إلى موارد ذات قيمة مضافة.
الابتكار التقني وريادة الطاقة الخضراء
ترتكز استراتيجية صوناصيد لإزالة الكربون على مجموعة من المبادرات الملموسة والمدعومة بمركز الأبحاث والتطوير التابع لها. وتشمل هذه المبادرات التحسين المستمر للعمليات الصناعية، وتثمين المنتجات غير الحديدية، والاستثمار في التكنولوجيات الحديثة ذات الكفاءة العالية في استهلاك الطاقة. وفي سياق تعزيز الاعتماد على الطاقة النظيفة، قامت الشركة بتركيب حديقة كهروضوئية ثانية في الناظور، ما يُمكّنها الآن من تشغيل عملية الإنتاج بالكامل تقريبًا بالطاقات المتجددة، وهي خطوة حاسمة نحو تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2030.
وقد استثمرت صوناصيد مبالغ كبيرة خلال السنوات الأربع الماضية لتسريع تحولها الصناعي. ومنذ عام 2022، تمكنت الشركة من خفض استهلاكها للكهرباء بنسبة 14% لكل طن من الصلب. هذا التحسن تحقق بفضل تحديث المعدات، ورقمنة العمليات، والعمل المتواصل في البحث والتطوير، مما يضمن إنتاج صلب منخفض الكربون يلبي المعايير الدولية الأكثر صرامة. وتعمل الشركة أيضاً على تطوير حلول مبتكرة لزيادة حصة الطاقة الخضراء في مزيجها الطاقي وتعزيز كهربة عملياتها.
صوناصيد وشراكتها في الأوراش الوطنية الكبرى
تؤكد صوناصيد دورها الاستراتيجي في بناء البلاد منذ أكثر من 50 عامًا. وتشارك الشركة في مختلف المشاريع المهيكلة بالمغرب، بما في ذلك الموانئ الكبرى، والطرق السريعة، وخطوط السكك الحديدية، والمناطق الصناعية، والسدود، والبنى التحتية للمستشفيات، والمشاريع السكنية الاجتماعية. وخلال النصف الأول من سنة 2025 (الفترة المنتهية في 30 أكتوبر)، سجلت الشركة نتائج مالية قوية، حيث بلغ رقم معاملاتها الموطد 3.05 مليار درهم بارتفاع قدره 25%. كما قفزت الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء (EBITDA) بنسبة 108% لتصل إلى 252 مليون درهم، وارتفع صافي حصة المجموعة من الأرباح بنسبة 359% ليصل إلى 96.7 مليون درهم.
ويعزى هذا الأداء إلى تعزيز مكانة المنتجات الجديدة ذات القيمة المضافة العالية، مثل ألياف الصلب، والأسلاك سابقة الإجهاد، والصلب المخصص لصناعة السيارات، وهي منتجات حيوية للأوراش الكبرى في المغرب. وتتجاوز مساهمة صوناصيد مجرد إنتاج الصلب لتشمل المساهمة في النموذج الصناعي الدائري وتوطيد سلسلة قيمة وطنية حقيقية حول الصناعة المعدنية، بالاعتماد على شبكة واسعة من الشركاء وتثمين الخبرات المحلية. وفي إطار خطتها الاستراتيجية “Act for impact”، تهدف صوناصيد إلى تعزيز ريادتها الإقليمية في إنتاج الصلب منخفض الكربون وتوطين وحدة صناعية جديدة كل عام.
نسخة الأسبوع من مجلتكم



