كوسومار: نموذج مغربي للاستدامة في الصناعة السكرية

اقتصاد الشرق
في وقت تشتد فيه الحاجة إلى نماذج اقتصادية مستدامة، يبرز مجموعة كوسومار – Cosumar كمثال على التزام الشركات المغربية بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية. المجموعة التي تشكل رافدا أساسيا للاقتصاد الوطني، تدير شبكة واسعة من الشراكات الفلاحية تمتد عبر مختلف مناطق المملكة، بما فيها جهة الشرق حيث يساهم آلاف الفلاحين في إنتاج المحاصيل السكرية ضمن نموذج تنموي يجمع بين الأداء الاقتصادي والاستدامة البيئية.
منذ عقد من الزمن، حولت كوسومار المسؤولية المجتمعية من مجرد سياسة إلى ثقافة مؤسسية راسخة، مرتكزة على خمسة محاور رئيسية تشمل الحوكمة، البعد الاجتماعي، المجتمعات المحلية، السوق والبيئة. أنشأت المجموعة لجنة متخصصة في البيئة والشؤون الاجتماعية ضمن مجلس إدارتها، تضمن إدراج معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية في صلب قراراتها الاستراتيجية، إلى جانب منظومة شاملة للامتثال والأخلاقيات.
إنجازات ملموسة في خفض الانبعاثات الكربونية
حققت كوسومار تقدما لافتا على مستوى التحول الطاقي، حيث نجحت في تقليص انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون بنسبة 50% منذ سنة 2016. اعتمدت المجموعة على تقنيات صناعية مبتكرة، أبرزها التجفيف الشمسي للب الشمندر السكري، الذي أسهم في خفض فاتورة الطاقة بنسبة 15% وتجنب انبعاث 57 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون.
تستخدم المجموعة الكتلة الحيوية المستخرجة من المنتجات الزراعية الثانوية لتشغيل جزء من غلاياتها الصناعية، مجسدة بذلك نموذجا للاقتصاد الدائري. كما عممت نظام إدارة الطاقة وفق المعيار الدولي ISO 50001، وحدثت معداتها الإنتاجية، ونشرت ممارسات فلاحية مستدامة. اليوم، أكثر من ربع المساحات المزروعة مجهزة بأنظمة الري بالتنقيط، فيما تساعد الطائرات المسيرة والمستشعرات المتصلة على تحسين استخدام المياه والمدخلات الزراعية. حتى على مستوى اللوجستيك، باتت 18% من شحنات المجموعة تتم عبر السكك الحديدية، ما يخفض الانبعاثات بنحو 490 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.
الفلاحة الذكية في خدمة التنمية المستدامة
تتصدر كوسومار مسار الفلاحة المتصلة في المغرب من خلال منصة “التيسير” التي تربط أكثر من 2400 آلة فلاحية بنظام ذكي لتسيير المحاصيل. تعتمد المنصة على تحليل البيانات والمستشعرات والذكاء الاصطناعي لمتابعة الحقول آنيا والاستخدام الأمثل للموارد، ما أثمر عن مردودية مرتفعة تصل إلى 9 أطنان للهكتار بالنسبة لقصب السكر و8.7 أطنان للهكتار للشمندر السكري، مع قدرة أكبر على مواجهة الإجهاد المائي.
توازيا مع ذلك، تستثمر المجموعة في البحث الزراعي واختيار بذور مقاومة والتكوين المستمر للفلاحين الشركاء، ما يعزز تنافسية واستدامة القطاع السكري.
شراكة مع أكثر من 80 ألف فلاح
ترتبط كوسومار بأكثر من 80 ألف فلاح شريك، وتوفر قرابة 5000 منصب شغل مباشر وغير مباشر. تدعم المجموعة إنشاء مقاولات صغرى ومتوسطة محلية، وتستثمر في برامج التعليم والصحة والإدماج الرقمي وريادة الأعمال النسائية. داخليا، تعتمد سياسة اجتماعية قائمة على التكوين المستمر والحوار الاجتماعي والسلامة في العمل، مع إيلاء اهتمام متزايد للمساواة ورفاه الموظفين.
اعتراف دولي وشهادات معيارية
أثمرت هذه الاستراتيجية عن تتويج كوسومار بجائزة أفضل تقرير للتنمية المستدامة بين الشركات المدرجة في بورصة الدار البيضاء. حصلت أيضا على الميدالية البرونزية من EcoVadis بتقييم 65 من 100، وتقييم متقدم من Refinitiv يضعها ضمن أبرز الفاعلين في قطاع الصناعات الغذائية عالميا.
تحمل المجموعة شهادات FSSC 22000 وISO 14001 وISO 45001 وغيرها، تشهد على تدبير مثالي في مجالات الجودة والسلامة والبيئة.
سجلت كوسومار في سنة 2024 رقم معاملات موحد بلغ 10.239 مليار درهم، بارتفاع طفيف نسبته 0.1% مقارنة بسنة 2023. تبلغ طاقتها الإنتاجية من السكر الأبيض 2.5 مليون طن سنويا، مع تصدير 653 ألف طن. استثمرت المجموعة 10 مليارات درهم في مشاريع صناعية، وساهمت في توليد 5 ملايين يوم عمل وإنشاء 374 مقاولة صغرى ومتوسطة بالوسط القروي.
يؤكد نموذج كوسومار أن الأداء الاقتصادي والحفاظ على البيئة والعدالة الاجتماعية يمكن أن تسير جنبا إلى جنب، رسم بذلك معالم سيادة صناعية وفلاحية مسؤولة ومستدامة.
نسخة الأسبوع من مجلتكم



