بارومتر جمعية ثسغناس يكشف معاناة المهاجرين في الولوج للتعليم والصحة بالجهة الشرقية

اقتصاد الشرق
كشف تقرير أعدته جمعية ثسغناس للثقافة والتنمية بشراكة مع جمعية التعاون من أجل السلام في فالنسيا، عن فجوات كبيرة في ولوج المهاجرين واللاجئين للحقوق الأساسية بجهة الشرق المغربية. أظهرت نتائج البارومتر المخصص لقياس درجة إدماج المهاجرين والمهاجرات تباينًا واضحًا بين ما تنص عليه الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء وبين الواقع الميداني. جاء هذا التقرير ضمن مشروع “تشبيك” الذي يحمل عنوان “ممارسات الجوار الفضلى في المنطقة المغاربية، تبادل الخبرات من أجل تعزيز الحقوق الأساسية للمهاجرين في تونس والمغرب”، بتمويل من الإدارة العامة للإدماج والتعاون من أجل التنمية في حكومة فالنسيا.
يرتكز البارومتر على أربعة عناصر أساسية: المعلومات، الفهم، الانخراط، والمشاركة، ويعتمد بشكل متكرر لرصد التغيرات وفعالية الإجراءات المتخذة. واستند التقرير إلى منهجية تشاركية امتدت على مدى 30 شهرًا، جمعت بين ورشات عمل مع المؤسسات الرسمية وفاعلي المجتمع المدني، إلى جانب استبيانات معمقة ومجموعات بؤرية ودراسة وثائقية شملت عينات من المهاجرين. ورصد البارومتر واقع الخدمات في خمسة قطاعات رئيسية: التعليم، الصحة، التنوع الثقافي، الحوكمة المحلية، وإدماج النوع الاجتماعي.
عوائق أمام تمدرس أبناء المهاجرين
في قطاع التعليم، وثق التقرير مجموعة من العوائق التي تحول دون التحاق أطفال المهاجرين بالمدارس بشكل طبيعي. وتشمل هذه العوائق عدم توفر الداخليات والمطاعم المدرسية في المناطق الحضرية، وصعوبة التسجيل بسبب الوضعية القانونية لأسرهم، بالإضافة إلى التمييز والعنف داخل المؤسسات التعليمية. وأشار التقرير إلى أن العديد من الأطفال، وخاصة الفتيات، يضطرون للانقطاع عن الدراسة للمساهمة في دخل أسرهم.
صعوبات في الولوج للخدمات الصحية
رغم وجود مذكرات وزارية تمنح المهاجرين الحق في العلاج بنفس شروط المواطنين المغاربة، إلا أن التقرير أظهر أنهم يواجهون عقبات مالية وإدارية تحد من استفادتهم الفعلية من الخدمات الصحية. وتتضاعف هذه المعاناة بالنسبة للمهاجرين في وضعية غير قانونية، وخاصة النساء اللواتي يحرمن من التغطية الصحية والخدمات المتعلقة بالصحة الإنجابية والنفسية.
ضعف السياسات الثقافية والتنسيق المؤسساتي
على صعيد الاندماج الثقافي، سجل التقرير فراغًا في السياسات العمومية الترابية المعنية بالتنوع الثقافي. وأوضح أن معظم المبادرات في هذا المجال تقوم بها جمعيات المجتمع المدني، بينما يبقى دور المؤسسات الرسمية محدودًا. كما أشار إلى استمرار مظاهر التمييز والعنصرية التي تعيق التعايش بين المهاجرين والمجتمع المحلي.
النساء المهاجرات والتمييز المزدوج
خصص التقرير حيزًا لتحليل وضعية النساء والفتيات المهاجرات، ووصف معاناتهن بالتمييز المزدوج نتيجة جنسهن ووضعيتهن كمهاجرات. وكشف عن استغلالهن في سوق الشغل، حيث يعملن لساعات طويلة بأجور منخفضة، ويتعرضن للتحرش والتهديد، إضافة إلى صعوبات كبيرة في الوصول إلى الخدمات الصحية.
توصيات لتحسين الإدماج
قدم التقرير مجموعة من التوصيات تشمل تعزيز التنسيق بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني، وتسهيل الإجراءات الإدارية والقانونية لتسوية وضعية المهاجرين، وإدماج بعد النوع الاجتماعي في جميع السياسات الموجهة لهذه الفئة. كما دعا إلى توفير دعم مالي مستدام للجمعيات المتخصصة، وإنشاء مراكز استقبال وإيواء في المناطق الحدودية، ووضع أنظمة للمتابعة والتقييم قائمة على مؤشرات حساسة للنوع الاجتماعي.
يعد البارومتر أداة للمتابعة والتقييم المستمر، حيث يعتمد بشكل دوري لرصد التطورات وقياس فعالية البرامج والسياسات الموجهة للمهاجرين. ويشكل هذا العمل خطوة أولى على المستوى الترابي لرصد واقع الاندماج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمهاجرين بجهة الشرق، ويقدم خارطة طريق للفاعلين المعنيين من أجل تحويل التوصيات إلى إجراءات ملموسة تساهم في تحسين ولوج المهاجرين والمهاجرات للحقوق الأساسية.
نسخة الأسبوع من مجلتكم



